المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٠٦
آلاف وخمسمائة فيستقيم الثلث والثلثان فهذا طريق ظاهر من غير دور فأما بيان طريق الدور ان العبد في الابتداء على ثلاثة أسهم صحت الهبة في سهم منه ثم على الموهوب له ان يفدى السهم بمثله ومثل ثلثيه فعرفنا ان كل سهم من العبد يقابله من الدية مثله ومثل ثلثيه فإذا فداه بسهم وثلثين ازداد مال الورثة وجاء الدور من الوجه الذي قررنا فالسبيل ان يطرح من أصل حق الورثة مقدار الزيادة وهو سهم وثلثا سهم وقد كان حقهم في سهمين فإذا طرحنا سهما وثلثي سهم بقي حقهم في ثلث سهم وحق الموهوب له في سهم فيكون العبد على سهم وثلث انكسر بالأثلاث فاصرفه في ثلثه وسهم وثلث في ثلثه يكون أربعة فتبين ان العبد على أربعة أسهم وان الهبة تنفذ في ثلاثة أرباعه فيقدر ذلك بثلاثة أرباع الدية ثم التخريج إلى آخره كما بينا وتخرج هذه المسألة على طريق الحساب من الجبر والمقابلة وغيرها ولكن يؤخر بيان ذلك إلى كتاب الدور وهذه المسألة وأخواتها تعود هناك إن شاء الله تعالى قال وأهل الذمة في حكم الهبة بمنزلة المسلمين لأنهم التزموا أحكام الاسلام فيما يرجع إلى المعاملات إلا أنه لا يجوز المعاوضة بالخمر عن الهبة فيما بين المسلم والذمي سواء كان المسلم هو المعوض للخمر أو الذمي لان الخمر ليست بمال متقوم في حق المسلم وهو ممنوع من تمليكه وتملكها فهي في حقه كالميتة والدم لا تصلح عوضا قال وان صارت الخمر خلا في يد القابض لم تصر معوضا ويرده إلى صاحبها لان تمليكها على وجه التعويض باطل فتثبت على ملك صاحبها فإذا تخللت كان الخل مملوكا له مردودا عليه وأصل التعويض لما بطل لا ينقلب صحيحا بالتخلل كما لو باع خمرا من انسان فتخللت في يد المشترى وتجوز المعاوضة بالخمر والخنزير فيما بين الذميين كما يجوز ابتداء المبايعة لان ذلك مال متقوم في حقهم ولا يجوز بالميتة والدم لان ذلك ليس بمال في حقهم كما في حقنا وصحة التعويض تختص بمال متقوم.
قال مسلم وهب لمرتد هبة فعوضه منها المرتد ثم قتل أو لحق بدار الحرب جازت الهبة ولم يجز تعويضه في قول أبي حنيفة لان التعويض تصرف من المرتد في ماله ومن أصل أبي حنيفة ان تصرف المرتد في ماله يبطل إذا قتل أو مات أو ألحق بدار الحرب وأما هبة المسلم من المرتد صحيحة لان قبول الهبة من المرتد ليس بتصرف في ماله والحجر بسبب الردة لأن يكون فوق الحجر بسبب الرق وذلك لا يمنع قبول الهبة فهذا أولى إلا أنه إذا كان للواهب حق الرجوع في حال حياة الموهوب له وقد مات حقيقة أو حكما لحاقه بدار الحرب فكانت الهبة جائزة وقد
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست