المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٧٢
بنفوذ العتق وفى الهبة لو استثنى ما في البطن قصدا لم تبطل الهبة فكذلك إذا صار مستثنى حكما وذكر في كتاب العتاق انه لو دبر ما في بطن جاريته ثم وهب الجارية لم يجز. وقيل في الفصلين روايتان. في احدى الروايتين لا يجوز فيهما لان الموهوب مشغول بما ليس بموهوب فهو كما لو وهب دارا فيما متاع الواهب. وفى الرواية الأخرى يجوز فيهما لأنه لو استثنى الولد قصدا لم تبطل به الهبة في الأم فكذلك إذا صار مستثنى حكما والأصح هو الفرق بينهما فان التدبير لا يزيل ملك المدبر. والموهوب متصل بما ليس بموهوب في ملك الواهب فكان ذلك في معنى هبة المشاع فيما يحتمل القسمة فأما العتق فإنه يزيل ملك المعتق فإذا وهب الأم بعد اعتاق الجنين فالموهوب غير متصل بما ليس بموهوب في ملك الواهب فهو كما لو وهب أرضا فيها ابن الواهب واقف وسلمها إلى الموهوب له تمت الهبة فكذلك هنا. قال (ولا يجوز للأب ان يهب من ماله ابنه الصغير شيئا) لأنه صار نائبا عن الصغير في التصرف في ماله لتوفير المنفعة عليه وذلك بالتبرع لا يحصل فهو كسائر الأجانب كما لو طلق امرأته. قال (عبد مأذون عليه دين كثير وهبه مولاه لرجل لم تجز هبته والدين في رقبته يباع فيه إلا أن يؤدى عند مولاه الذي في يده) ومعنى قوله لم يجز ان الهبة لا تتم وللغرماء أن يبطلوا هبته لان المولى مالك لرقبته ولكن حق الغرماء سابق على حقه في ماليته وفى اتمام الهبة ابطال هذا الحق عليهم ولكن ليس في أصل التمليك إبطال حقهم فيصير مملوكا للموهوب له مشغولا عن الغرماء على الوجه الذي كان في ملك الواهب لأنه إقامة مقام نفسه في ملك الرقبة وله هذه الولاية فيما هو خالص حقه ولهذا لو قضي الموهوب له دينه كان سالما له لان تمكن الغرماء من إبطال ملكه لقيام دينهم وقد وصل إلى الغريم حقه قال (فان ذهب الموهوب له بالعبد ولم يقدر عليه فللغرماء أن يأخذوا الواهب بقيمته يوم وهب) لأنه هو الذي أتلف حقهم بالتمليك من الموهوب له والتسليم فيصير ضامنا قيمته لهم كما لو أعتقه. قال (ولو وهب له ما في بطن أمته وسلطه على قبضه بعد الوضع فقبضه لم يجز) وقد بينا الفرق بين هذا وبين هبة الدين والصوف على ظهر الغنم * وفى الكتاب قال من قيل إنه وهب له ما لم يكن بعد فإنه وهب له الولد وقبل الانفصال لا يكون ولدا ألا ترى أنه لو وهب له دهن سمسم قبل أن يعتصر وسلطه على قبضه إذا عصر أو وهب الزيت في الزيتون والدقيق في الحنطة قبل الطحن والسمن في اللبن قبل أن يتمخض فهذا كله باطل لأنه هبة
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست