ينل ذلك (فان قيل) بل كان مقصوده أن تزوج نفسها منه وقد فعلت فينبغي أن لا يرجع في الهبة (قلنا) هذا ليس بمقصود شرعي فيما شرعت الهبة له فلا معتبر به وبالنكاح وان حصل له الملك فقد وجب عليه البدل فلا يعتبر ذلك في المنع من الرجوع في الهبة. قال (وان وهب لامرأته هبة ثم أبانها فليس له أن يرجع فيها) لان الهبة لما كانت في حال قيام الزوجية بينهما عرفنا أنه لم يكن مقصوده العوض فلهذا لا يرجع فيها. قال (رجل وهب لابنه الكبير عبدا وهو في عياله ولم يسلمه إليه أو وهب لزوجته لم تجز الهبة الا على قول ابن أبي ليلى) فإنه يقول من في عياله تحت يده فيقوم قبضه لهم مقام قبضهم كما لو وهب لولده الصغير والدليل عليه أن الصغير إذا كان في عيال أجنبي فوهب هوله أو غيره هبة وقبضه من يعوله تمت الهبة ولا نسب بينهما سوى أنه يعوله ولكنا نقول لا ولاية له على ولده البالغ ولا على زوجته فيما وراء حقوق النكاح وقبض الهبة ليس من حقوق النكاح في شئ وكان هو والأجنبي في ذلك سواء ولأنه متبرع بالانفاق على ولده البالغ فهو كالغنى إذا تبرع بالانفاق على بعض المساكين ويعولهم فلا ينوب قبضه عن قبضهم في اتمام الصدقة والهبة بخلاف الأب في حق ولده الصغير فإنه وليه وهكذا نقول فيمن يعول يتيما إنما يعتبر قبضه له إذا لم يكن لليتيم ولى يقبض له وهنا الموهوب له ولى نفسه فلا حاجة إلى قبض من يعوله في حقه كما إذا كان الصغير في عيال أجنبي وله أب أو جد فإنه لا يعتبر قبض من يعوله في اتمام الهبة له. قال (وكل شئ وهبه لابنه الصغير واشهد عليه وذلك الشئ معلوم فهو جائز) والقبض فيه باعلام ما وهبه له والاشهاد عليه والاشهاد له ليس بشرط بل الهبة تتم بالاعلام الا انه ذكر الاشهاد احتياطا للتحرز عن جحود سائر الورثة بعد موته أو عن جحوده بعد ادراك الولد أما إذا اتفقوا على ذلك فالهبة تامة بدون الاشهاد. وكذلك أن كان هذا الولد في عيال أمه لان لها عليه نوع ولاية ألا ترى أنه ا تحفظه وتحفظ ماله وهذا القدر من الولاية يكفي لقبض الهبة. والصدقة في هذا قياس الهبة لان تمام كل واحد منهما بالقبض. قال (وإن كان اليتيم في عيال أمه فوهبت له عبدا وأشهدت عليه وأبوه ميت ولا وصي له جازت الهبة وقبض الأم بمنزلة الأب لو كان حيا) لان في القبض معنى الاحراز كالحفظ وللأم ولاية حفظ مال اليتيم فكانت في قبض الهبة كالأب. قال (وكذلك أن كان اليتيم في عيال عمه فقبضه العم له وإن كان له أخ أو أم فقبض العم له قبض أيضا) لأنه يستوي بالأخ في ثبوت ولاية الحفظ له في ماله فكان ذلك محض منفعة له وبسبب
(٦١)