المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٦٧
له وما يشترط لاتمام العقد فإنما يعتبر ثانيا فيما تناوله العقد دون غيره فأما الاستدلال بالآية قلنا العفر حقيقته اسقاط وذلك في الدين دون العين ثم في العين كل واحد منهما مندوب إلى العفو عندنا ولكن بطريقة وذلك في أن يهب نصيبه من صاحبه بعد القسمة وليس في الآية ما يمنع ذلك وهو تأويل حديث ابن عمر رضي الله عنهما فمن وجد ما يستوفى أكثر من حقه يميز له الفضل ويأتي به ليرده فيحتمل انه فعل ذلك فوهبه له ابن عمر رضي الله عنهما وعدنا هذا يجوز. قال (ولو وهب دارا لرجلين وسلمها إليهما فالهبة لا تجوز في قول أبي حنيفة رضي الله عنه وفى قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله يجوز) لأن العقد والتسليم لاقى مقسوما فإنه حصل في الدار جملة فيجوز كما لو وهبها لرجل واحد وهذا لان تمكن الشيوع باعتبار تفرق المالك والملك هنا حكم الهبة وحكم الشئ يعقبه فالشيوع الذي ينبنى علي ملك يقع للموهوب لهما لا يكون مقترنا بالعقد ولا تأثير للشيوع الطارئ في الهبة كما لو رجع الواهب بالنصف ولان المعنى استحقاق ضمان المقاسمة على المتبرع وذلك لا يوجد هنا فالعين تخرج من ملك المتبرع جملة وإنما ضمان المقاسمة بين الموهوب لهما باعتبار تفرق ملكهما ولان تأثير الشيوع في الرهن أكثر منه في الهبة حتى لا يجوز الرهن في مشاع لا يحتمل القسمة بخلاف الهبة ثم لو رهن من رجلين جاز فالهبة أولى وكذلك الإجارة عند أبي حنيفة رضي الله عنه لا تصح مع الشيوع * ثم إذا أجر داره من رجلين يجوز فكذلك الهبة وأبو حنيفة رضي الله عنه يقول قبض كل واحد منهما لاقى جزأ شائعا وذلك غير موجب للملك فيما يحتمل القسمة بحكم الهبة كما لو وهب النصف من كل واحد منهما بعقد على حدة وهذا لان تأثير الشيوع باعتبار أن القبض لا يتم معه وذلك موجود هنا فكل واحد منهما لا يقبض الا نصبه ولا يتم قبضه مع الشيوع والدليل عليه أن المانع تمكن الشيوع في الملك المستفاد بعقد الهبة حتى لو وهب من رجل النصف ثم النصف وسلم الكل جملة يجوز لأنه لا شيوع في الملك المستفاد بالهبة * ولو وهب رجلان من واحد يجوز مع وجود الشيوع في الواهبين لأنه لا شيوع في الملك المستفاد بالهبة وان وهب أحدهما نصيبه من زيد والآخر نصيبه من عمرو لا يجوز لتمكن الشيوع في الملك المستفاد بالهبة فثبت أن المانع هذا وهو موجود في الهبة من رجلين. والدليل علي أن المعتبر جانب المتملك دون المملك حكم الشفعة فان رجلين لو اشتريا دارا من واحد لم يكن للشفيع أن يأخذ نصيب أحد المشتريين بالشفعة لتفرق الملك
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست