لابنه لأنه ليس في يد المغصوب منه حقيقة ولا حكما فإنه مضمون على الغاصب وإنما يضمن بتفويت يد المغصوب منه بخلاف الوديعة إذا وهبها من أبيه لان يد المودع في الحكم كيد المودع فيمكن أن يجعل قابضا لولده باليد التي هي قائمة مقام يده (فان قيل) فقد قلتم إذا وهب الوديعة من المودع جاز ولو كانت يده كيد المودع لم يكن قابضا لنفسه بحكم يده (قلنا) في الحقيقة اليد للمودع فباعتبار هذه الحقيقة يجعله قابضا لنفسه ثم إنما قامت يده مقام يد المودع ما دام هو في الحفظ عاملا للمودع وذلك قبل التمليك بالهبة فأما بعد ذلك فهو عامل لنفسه * ولو باعه بيعا فاسدا وسلمه أو باعه بشرط الخيار للمشترى ثم وهبه لابنه الصغير لا يجوز لأنه خرج من ملكه بتصرفاته فإنما وهب مالا يملك ولان اليد لغيره حقيقة وحكما حين كان في ضمان الغير. قال (ولا يجوز هبة المكاتب كما لا يجوز عتقه) لأنه تبرع محض ولو اجازه المولى فكذلك لان إجازة المولى إنما يعمل فيها بملك المولى أنشأه وهو لا يملك ذلك في كسب المكاتب. قال (رجل وهب لرجل ما على ظهر غنمه من الصوف أوما في ضروع غنمه من اللبن لم يجز ذلك) لان الصوف واللبن ما دام متصلا بالحيوان فهو ليس بمال مقصود بنفسه ولكنه وصف الحيوان وعقد التمليك مقصودا لا يتم فيما ليس بمال مقصود فان أمره بجز الصوف وحلب اللبن وقبض ذلك استحسنت أن أجيزه وهذا لوجهين (إحداهما) أن الصوف على ظهر الغنم واللبن في الضرع محل للتمليك بدليل جواز الوصية به وجواز الصلح عليه عند أبي يوسف رحمه الله في الصوف وتمام عقد الهبة بالقبض فإذا كان قبضه بعد الجزاز وهو مال متقوم في هذه الحال يتم فيه الهبة كما بينا في الدين (والثاني) أن امتناع جواز الهبة لان الموهوب متصل بما ليس بموهوب من ملك الواهب مع امكان الفصل فيكون ذلك بمنزلة الشائع وقد بينا أنه لوهب شيئا مشاعا ثم قسم وسلم مقسوما تمت الهبة فهذا مثله وكذلك ثمر الشجرة والزرع إذا حصده فهو على القياس والاستحسان الذي ذكرنا. قال (ولا يجوز هبة العبد المأذون) لأنه منفك الحجر عنه في التجارات دون التبرعات فان اجازه مولاه ولا دين عليه جاز لان كسبه خالص حقه يملك مباشرة الهبة فيه فينفذ بإجازته أيضا وإن كان عليه دين لم يجز ذلك وان اجازه المولى والغرماء لان حق الغرماء في دينهم لا يسقط بإجازة الهبة فلا معتبر بإجازتهم والمولى لا يملك مباشرة الهبة بنفسه فلا تعمل اجازته أيضا قال (ولو وهب له ما يثمر النخيل العام لم يجز) لأنه معدوم في الحال والمعدوم ليس بشئ
(٧١)