المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٨٣
إلى أجنبي بهبة أو غيرها أو زادت عنده خيرا فلا رجوع فيها للواهب) وقد بينا هذه الموانع والفرق بين زيادة العين وزيادة السعر وبين الزيادة في البدن والنقصان في حكم الرجوع قال (وان كانت الهبة دارا أو أرضا فبنى في طائفة منها أو غرس شجرا أو كانت جارية صغيرة فكبرت وازدادت خيرا أو كان غلاما فصار رجلا فلا رجوع له في شئ من ذلك) وقال ابن أبي ليلى له أن يرجع في جميع ذلك لان حق الرجوع كان ثابتا في الأصل فيثبت في البيع فان ثبوت الحكم في البيع بثبوته في الأصل ولا يجوز أن يبطل الحكم الثابت في الأصل بسبب المنع ولكنا نقول حق الرجوع للواهب مقصور على الموهوب بعينه فلا يثبت فيما ليس بموهوب تبعا كان أو أصلا وهنا الحق في الأصل ضعيف وحق صاحب الزيادة في الزيادة قوى فإذا تعذر التمييز بينهما رجحنا أقوى الحقين وجعلنا الضعيف مرفوعا بالقوى والبناء في بعض الأرض كالبناء في جميعها لان البناء في جانب من الأرض يعد زيادة في جميع الأرض ألا ترى أنه يزداد به مالية الكل وهذا إذا كان ما بنى بحيث يعد زيادة فإن كان لا يعد زيادة كالآري أو يعد نقصانا كالتنور في الكاشانة فإنه لا يمنع الرجوع لانعدام المانع وهو زيادة مالية الموهوب بزيادة في عينه. قال (وان كانت الهبة دارا فهدم بناءها كان له أن يرجع في الأرض) وكذلك في غير الدار إذا استهلك بعض الهبة ببيع أو غيره وبقي بعضها كان له أن يرجع في الباقي اعتبارا للبعض بالكل وهذا لان ما فعله من هدم البناء نقصان في الأرض وليس بزيادة. قال (وان كانت الهبة ثوبا فصبغه أحمر أو أصفر وخاطه لم يكن له أن يرجع فيه) لان ما فعله زيادة وصف قائم في العين ولو قطعة ولم يخطه فله أن يرجع فيه لان القطع قبل الخياطة نقصان ولم يذكر ما لو صبغه أسود (والجواب) أن عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى له أن يرجع فيه لان السواد عنده نقصان. وعند هما ليس له أن يرجع وقد بينا المسألة في كتاب الغصب. قال (وإذا وهب دينا له عليه فقبله لم يكن له أن يرجع فيه) لأنه سقط عنه فإنه قابض للدين بذمته فيملك بالقبول ومن ملك دينا عليه سقط ذلك عنه والساقط يكون متلاشيا فلا يتحقق الرجوع فيه كما لو كان عينا فهلك عنده. قال (فان قال الموهوب له مكانها لا أقبلها فالدين عليه بحاله) والحاصل ان هبة الدين ممن عليه الدين لا تتم الا بالقبول والابراء يتم من غير قبول ولكن للمديون حق الرد قبل موته إن شاء الله وعن زفر رحمه الله انه يسوي بينهما وقال تتم الهبة والا برء قبل القبول بناء علي أصلة انه
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست