له أن يرجع فيها (وكذلك) لو وهب له لبنها فجعله طينا فهذا نقصان فان أعاده لبنا لم يرجع فيها لان هذا اللبن حادث بفعله أو ضرب اللبن من الطين زيادة في عينه فإذا كان حادثا في يد الموهوب له منع ذلك الواهب من الرجوع وان وهب له نجيحا فجعله خلا لم يرجع فيه لان مالية الخل غير مالية النجيح وهذه مالية حدثت بصنعة حادثة في العين في يد الموهوب له وان وهب له سيفا فجعله سكاكين أو سكينا لم يكن له أن يرجع فيه لان السكين غير السيف (وكذلك) ان كسره فجعل منه سيفا آخر لان هذا الثاني حادث بعلمه ألا ترى أن الغاصب لو فعل ذلك كان ضامنا قيمة السيف المغصوب منه ويجعل ما ضربه له قال وان وهب له دارا فبناها على غير ذلك البناء وترك بعضها على حالها لم يكن له أن يرجع في شئ منها لان ما زاد في البناء في جانب منها يكون زيادة في جميعها كما في الأرض إذا بنى في ناحية منها قال وان وهب له حماما فجعله مسكنا أو وهب له شيئا فجعله حماما فإن كان البناء على حاله لم يزد فيه شئ فله أن يرجع فيه لان تصرفه في المنفعة دون العين والمانع من الرجوع زيادة في العين وإن كان زاد عليه بناء أو غلق عليه بابا أو جصصه أو أصلحه أو جعله بصاروج أو طنية فليس له أن يرجع فيه لان هذا كله زيادة في عينها. قال مريض وهب لصحيح عبدا يساوى ألفا ولا مال له غيره فعوضه الصحيح منه عوضا وقبضه المريض ثم مات والعوض عنده فإن كان العوض مثل ثلثي قيمة العبد أو أكثر فالهبة ماضية لان العوض المقبوض بمنزلة المشروط أو أقوى والثلث منه كان من خالص حقه والثلثان حق الورثة فإذا كان العوض مثل ثلثي قيمة العبد عرفنا انه لم يبطل شيئا من حق الورثة بتصرفه وإنما تصرف فيما هو خالص حقه فكانت الهبة ماضية وان كانت قيمته قيمة العوض نصف قيمة الهبة يرجع ورثة الواهب في سدس الهبة لان حقهم في ثلثي العبد وقد وصل إليهم من العوض بقدر مالية نصف العبد فإنما تبقى لا تمام حقهم سدس العبد فلهذا يرجع الوارث بسدس الهبة وإن كان العوض شرطا في أصل الهبة فإن شاء الموهوب له رد الهبة كلها وأخذ العوض وان شاء رد سدس الهبة وأمسك الباقي لأنه ما رضى بسقوط حقه عن عوضه الا بأن يسلم له جميع الموهوب ولم يسلم ولان التبعيض في الملك المجتمع عيب فاستحقاق جزء من العبد وان قل بتعيب ما بقي منه وحق الرد بالعيب ثابت بعد التقابض إذا كان العوض مشروطا لان الهبة بشرط العوض تصير بيعا بالقياس فلهذا ثبت له الخيار
(١٠١)