متقوم على طريق الاكتساب حتى أن ما يدخله معنى التبرع كالهبة بشرط العوض لا يكون بيعا ابتداء ولو كان أحد اللفظين عبارة عن المستقبل بأن يقول أحدهما بعني فيقول الآخر بعت أو يقول اشترى سى فيقول الآخر اشتريت لا ينعقد البيع عندنا بخلاف النكاح والشافعي يسوى بينهما باعتبار ان كل واحد منهما عقد تمليك بعوض من الجانبين والفرق لنا من وجهين (أحدهما) أن النكاح يتقدمه خطبة عادة فقوله زوجيني نفسك في مجلس العقد لا يجعل خطبة لان الخطبة قد تقدمته فيجعل أحد شطرى العقد فأما البيع يقع بغتة من غير تقدم استيام فيجعل قوله بعني استياما فلا بد من لفظ العقد بعده (والثاني) ان قوله زوجيني نفسك تفويض للعقد إليها فيجعل قولها زوجت عقدا تاما لان كلام الواحد يصلح للعقد من الجانبين في النكاح إذا كان مأمورا به وفى البيع لا يتأتى مثل هذا لان كلام الواحد لا ينعقد به البيع من الجانبين إذا لم يكن أحدهما موليا عليه من الآخر فأما الربا في اللغة هو الزيادة يقال أربى فلان على فلان أي زاد عليه ويسمى المكان المرتفع ربوة لزيادة فيه على سائر الأمكنة وفى الشريعة الربا هو الفضل الخالي عن العوض المشروط في البيع لما بينا أن البيع الحلال مقابلة مال متقوم بمال متقوم فالفضل الخالي عن العوض ذا دخل في البيع كان ضد ما يقتضيه البيع فكان حراما شرعا واشتراطه في البيع مفسد للبيع كاشتراط الخمر وغيرها والدليل على حرمة الربا الكتاب والسنة أما الكتاب فقوله تعالى (وحرم الربا) وقد ذكر الله تعالى لآكل الربا خمسا من العقوبات (أحدها) التخبط قال الله تعالى (لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) قيل معناه ينتفخ بطنه يوم القيامة بحيث لا تحمله قدماه وكلما رام القيام يسقط فيكون بمنزله الذي أصابه مس من الشيطان فيصير كالمصروع الذي لا يقدر على أن يقوم وقد ورد بنحوه أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يملأ بطنه نارا بقدر ما أكل من الربا والمراد أن يفتضح على رؤس الاشهاد كما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر ان لواء ينتصب يوم القيامة لآكلة الربا فيجتمعون تحته ثم يساقون إلى النار (والثاني) المحق قال الله تعالى (يمحق الله الربا) والمراد الهلاك والاستيصال وقيل ذهاب البركة والاستمتاع حتى لا ينتفع هو به ولا ولده بعده (والثالث) الحرب قال الله تعالى (فأذنوا بحرب من الله ورسوله) والمعنى من القراءة بالمد أعلموا الناس أكلة الربا إنكم حرب الله ورسوله بمنزلة قطاع
(١٠٩)