المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٠٧
بطل التعويض وفى قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعوضه صحيح كسائر تصرفاته إلا أن عندا أبى يوسف يكون من جميع ماله وعند محمد من ثلثه بمنزلة سائر تصرفات المرتد على وجه التبرع فإن كان المرتد هو الواهب وقد عوضه الموهوب له من هبته ثم قتل أو لحق بدار الحرب فإنه يرد هبته إلى ورثته لأنه كان تصرفا منه في ماله وإذا كان تصرفه في ماله بيعا يبطل عنده إذا مات فتصرفه هبة أولى فترد هبته إلى ورثته ويرد عوضه إلى صاحبه إن كان قائما وإن كان قد استهلكه كان ذلك دينا في مال المرتد لأنه قبضه على وجه العوض ولم يسلم الموهوب للموهوب له فلا يسلم العوض له أيضا ولكن إن كان قائما رده على الموهوب له بعينه وإن كان مستهلكا فقد تعذر رده مع قيام السبب الموجب للرد فتجب قيمته دينا في ماله سواء كان الآخر علم بارتداده أو لم يعلم لان حكم تصرف المرتد لا يختلف بعلم من عامله بردته وجهله فان التوقف لحق الورثة وحقهم ثابت في الحالين. قال وإذا وهب المرتد للنصراني هبة أو النصراني للمرتد على أن عوضه عنها خمرا فذلك باطل لان المرتد في حكم التصرف في الخمر كالمسلم فإنه مجبر على العود إلي الاسلام غير مقر علي ما اعتقده فيبطل تصرفه في الخمر تعويضا عن الهبة كما يبطل من المسلم قال وإذا وهب الحربي المستأمن هبة لمسلم أو وهبها له مسلم فقبضها ثم رجع إلى دار الحرب ثم عاد مستأمنا فلكل واحد منهما ان يرجع في هبته لبقاء الملك المستفاد بالهبة وبقاء العين على حاله فأن المستأمن وإن كان في دارنا صورة فهو في أهل دارا الحرب حكما فلا يتبدل ملكه بالرجوع إلى دار الحرب وان سبى وأخذت الهبة منه لم يكن للواهب ان يرجع فيها لزوال الملك المستفاد بالهبة فان نفسه بالسبي قد تبدلت وخرج هو من أن يكون أهلا للملك والموهوب صار ملكا للسابي بمنزلة سائر أمواله إذا أخذه معه فلا سبيل للواهب عليه وان حضر قبل القسمة لأنه إنما يتمكن من أخذ ما بقي ووقع الظهور عليه من ماله وهذا مال أزاله عن ملكه باختيار فلا يأخذه من الغنيمة وان حضر قبل القسمة قال وان وقع الحربي في سهم رجل فأعتقه ثم وصلت تلك الهبة إليه بشراء أو غيره لم يكن للواهب أن يرجع فيها لان هذا ملك حادث له وحق الواهب كان في الملك المستفاد بالهبة فلا يثبت في ملك حدث بسبب آخر وصار اختلاف سبب الملك كاختلاف العين قال وإن كان الحربي هو الواهب فسبي ووقع في سهم رجل لم يكن له أن يرجع في هبته لان نفسه تبدلت بالرق وذلك بمنزلة موته فان الحرية حياة والرق تلف وبموت الواهب يبطل الحق
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست