المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٢٢٣
امسك على نفسه لأنه يضرب حتى يترك الأكل وبه أخذ علماؤنا رحمهم الله قالوا الكلب إذا أكل من الصيد الذي أخذه يحرم تناوله وقال مالك رحمه الله تعالى لا يحرم وهو أحد قولي الشافعي رضى الله تعالى عنه لحديث أبي ثعلبة الخشني ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في صيد الكلب كل وان أكل الكلب منه ولأنه تناول اللحم دون الصيد لأنه يقتل الصيد أولا فيخرج من أن يكون صيدا وتناول الكلب من لحم الصيد لا يحرم ما بقي منه على صاحبه كما لو فتش في مخلاة صاحبه وتناول شيئا من القديد من لحم الصيد. وحجتنا في ذلك قوله تعالى فكلوا مما أمسكن عليكم وحين أكل منه فقد تبين انه أمسكه على نفسه لا على صاحبه حين لا يتركه حتى يشبع منه واليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله لعدي ابن حاتم رضي الله عنه فان أكل منه فلا تأكل فإنما امسك على نفسه وتأويل حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه ان صح أنه كان قبل نزول الآية ثم انتسخ أو مراده إذا ولغ في دم الصيد وعندنا ذلك القدر لا يحرم ثم قد بينا ان ثبوت الحل بفعله باعتبار أنه نائب عن صاحبه وينعدم ذلك إذا أكل منه لأنه تبين أن سعيه كان لمنفعة نفسه فهو كما لو انعدم الارسال أصلا (ثم) ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما في البازي يقتل الصيد ويأكل منه قال كل وقال تعليم البازي أن تدعوه فيجيبك ولا تستطيع أن تضربه حتى يترك الأكل وبه نأخذ وفي أحد قولي الشافعي رحمه الله تعالى البازي والكلب إذا أكل من الصيد لا يحل لما بينا أنه يمسك على نفسه وليس بنائب عن صاحبه ولكن الفرق بينهما عندنا علي وجهين (أحدهما) أن جثة الكلب تحتمل الضرب فيمكن أن يضرب ليدع الأكل وجثة البازي لا تحتمل الضرب وقد بينا أن التكليف بحسب الوسع (والثاني) ان الكلب ألوف وعلامته علمه أن يأتي بما يكون مخالفا لطبعه وإجابته صاحبه إذا دعاه غير مخالف لطبعه فلا يكون دليلا على علمه بل يكون علامة علمه ترك الأكل عند حاجته إليه لان ذلك خلاف طبعه فإذا أكل منه لم يكن معلما والشرط في صيد الكلب أن يكون معلما والبازي متنفر فأجابته صاحبه إذا دعاه خلاف طبعه فيجعل ذلك علامة علمه دون ترك الأكل فهو وان أكل فهو وان أكل منه فلا يتبين به أنه غير معلم ولكن هذا الفرق لا يتأتى في الفهد والنمر فإنه مستوحش كالبازي ثم الحكم فيه وفى الكلب سواء فالمعتمد هو الأول وعن ابن عباس رضي الله عنهما في الكلب يشرب من دم الصيد ولا يأكل منه فقال لا بأس بأكل الصيد وبه نأخذ وكان ابن أبي ليلي رحمه الله يقول يحرم بذلك (15 مبسوط حادي عشر)
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»
الفهرست