أبى يوسف رحمه الله فإنه يقول صار ضامنا للمالك بقبضه فلا يبرأ إلا بالرد على المالك أو على من قامت يده مقام يد المالك ويد الغاصب لا تقوم مقام يد المالك فلا يبرأ بالرد عليه. ولكنا نقول وجوب الضمان عليه باعتبار يده وقد انفسخ ذلك حين أعاده إلي يد من وصلت إليه من جهته فالعدم به حكم يده وكان هذا في حقه بمنزلة رد الغاصب العين على مالكه (وإذا) قال الرجل لآخر غصبتني هذه الجبة المحشوة وقال الغاصب ما غصبتكها ولكن غاصبتك الظهارة فالقول قول الغاصب مع يمينه لانكاره ما ادعاه فإنه ادعى غصب الجبة والظهارة ليست بجبة ولأنه منكر الغصب في البطانة والحشو ولو أنكر الغصب في الكل كان القول قوله مع يمينه ثم إذا حلف يضمن قيمة الظهارة لإقراره بغصب الظهارة واقراره حجة في حقه فكان غايتاه غصب الظهارة وجعلها جبة. وان قال غصبتك الجبة ثم قال بعد ذلك البطانة والحشو لي لم يصدق لأنه رجع عما أقر به فاسم الجبة يتناول الكل * وكذلك لو قال غصبتك هذا الخاتم ثم قال فصه لي أو هذه الدار ثم قال بناؤها لي أو هذه الأرض ثم قال شجرها لي أو أنا غرستها لم يصدق علي شئ من ذلك لكونه راجعا فان البناء والشجر تبع للأصل فيصير مذكورا بذكر الأصل ويثبت حكم الغصب فيه بثبوته في الأصل والفص في الخاتم كذلك فيكون راجعا بدعواه المالك لنفسه فما أقر به لغيره * وان قال غصبتك هذا البقرة ثم قال عجولها لي أو قال هذه الجارية ثم قال ولدها لي فالقول قوله لان الولد منفصل فلا يكون تبعا للأم فاقراره بالأصل لا يتعدى إليه بخلاف الاستحقاق باليد عندنا. وقد بينا هذا الفرق في الدعوى فلا يكون هو في دعوى الولد لنفسه مناقضا بل يكون متمسكا بما هو الأصل وهو ان ما في يده فالظاهر أنه ملكه إلا ما يقربه لغيره (رجل) غصب من رجل ثوبا ثم إن الغاصب كسا الثوب رب الثوب فلبسه حتى تخرق ولم يعرفه فلا شئ له على الغاصب. وكذلك المكيل والموزون إذا غصب منه ثم أطعمه إياه بعينه أو وهبه فأكله ولم يعرفه فالغاصب برئ عن الضمان عندنا وفي أحد قولي الشافعي رضي الله تعالى عنه لا يبرأ لأنه ما أتى بالرد المأمور به فإنه غرور منه والشرع لا يأمر بالغرور والغاصب لا يستفيد البراءة الا بالرد فإذا لم يكن يوجد صار ضامنا ولأنه ما أعاد إلى ملكه كما كأن لان المباح له الطعام لا يصير مطلق التصرف فيما أبيح له فكان فعله قاصرا في حكم الر فلو جعلنا هذا ردا تضرر به المغصوب منه لأنه اقدام على الأكل بناء
(٩٩)