المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٩٧
من قوله يضمنه قيمة العصير أن الخصومة بعد انقطاع أوان العصير فأما في أوانه يضمنه مثله لان العصير من ذوات الأمثال وإن لم يحضر حتى صارت خلا فإن شاء أخذ الخل وان شاء ضمنه قيمة العصير لأن العين باق ببقاء الهيئة ولكنه تغير من صفة الحلاوة إلى صفة الحموضة فإن شاء رضي به متغيرا ولا يضمنه شيئا آخر لان العصير مال الربا وقد بينا انه لا يثبت فيه حق تضمين النقصان مع أخذ العين ولم يذكر هذا الخيار قبل التخلل. فمن أصحابنا رحمهم الله من يقول لا خيار له لأنه لو ثبت له الخيار هناك لكان أخذ الخمر عوضا عما استوجب من قيمة العصير وذلك لا يجوز والأصح أن هناك يثبت الخيار أيضا بطريق أنه يكون مبرئا عن الضمان ثم يأخذ خمره ليخلله كما لو كان العصير وديعة له في يده فتخمر (رجل) له حنطة عند رجل وشعير لآخر عند ذلك الرجل أيضا وديعة فخلطهما من لا يقدر عليه ولا يعرف * قال يباعان ثم يقسم الثمن على قيمة الحنطة والشعير وهذا عندهما وهو الاستحسان عند أبي حنيفة أيضا. فأما في القياس على قوله المخلوط صار مملوكا للخالط وحق كل واحد منهما في ذمته ولا ولاية لهما عليه في بيع ملكه لحقهما ووجه الاستحسان ان المخلوط وان صار مملوكا للخالط ولكن لم ينقطع حقهما عنه بل يتوقف تمام انقطاع حقهما علي وصول البدل إليهما ألا ترى أنه لا يحل للخالط الانتفاع بالمخلوط ما لم يود البدل إليهما وإذا بقي حقهما فيه قلنا يباع لايفاء حقهما عند تعذر استيفاء الضمان من الخالط كالمبيع في يد البائع يباع في الثمن إذا تعذر استيفاؤه من المشترى لغيبته ثم يضرب صاحب الحنطة في الثمن بقيمة حنطته مخلوطا بالشعير وصاحب الشعير يضرب بقيمة شعيره غير مخلوط بالحنطة لان الحنطة تنقص بالاختلاط بالشعير وإنما دخل في البيع بهذه الصفة فلا يضرب بقيمتها الا بالصفة التي دخلت في الشعير تزداد قيمته بالاختلاط بالحنطة ولكن هذا الزيادة من مال صاحب الحنطة فلا يستحق الضرب بها معه فلهذا يضرب بقيمة الشعير غير مخلوط (قال) وكذلك كل ما يكال أو يوزن يعنى إذا تحقق الخلط على وجه يتعسر معه التمييز أو يتعذر فان اختلفا في مبلغ كيل الحنطة والشعير وقد باعهما مجازفة واستهلكهما المشترى فالقول في الحنطة قول صاحب الشعير وفي الشعير قول صاحب الحنطة لان كل واحد منهما يدعى زيادة في مقدار ملكه وكل واحد منهما غير مصدق فيما يدعى لنفسه على صاحبه وكل واحد منهما منكر للزيادة التي يدعيها صاحبه فيحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه لانكاره وبعد ما حلف يقسم
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست