عليه أو ماتت فورثها منه فهذا كله مبطل للملك الموقوف بطريان الملك النافذ في المحل (رجل) غصب من رجل جارية فعيبها فأقام المغصوب منه البينة انه قد غصب جارية له فإنه يحبس حتى يجئ بها ويردها على صاحبها (وكان) أبو بكر الأعمش رحمه الله يقول تأويل هذه المسألة ان الشهود شهدوا على اقرار الغاصب بذلك لان الثابت من اقراره بالبينة كالثابت بالمعاينة فأما الشهادة علي فعل الغصب لا تقبل مع جهالة المغصوب لان المقصود اثبات الملك للمدعى في المغصوب ولا يتمكن القاضي من القضاء بالمجهول ولا بد من الإشارة إلى ما هو المقصود بالدعوى في الشهادة ولكن الأصح أن هذه الدعوى والشهادة صحيحة لأجل الضرورة فان الغاصب يكون ممتنعا من احضار المغصوب عادة وحين يغصب فإنما يتأتى من الشهود معاينة فعل الغاصب دون العلم بأوصاف المغصوب فسقط اعتبار علمهم بالأوصاف لأجل التعذر ويثبت بشهادتهم فعل الغصب في محل هو مال متقوم فصار ثبوت ذلك بالبينة كثبوته باقراره فيحبس حتى يجئ به ولان وجوب الرد على الغاصب ثابت بنفس الفعل وهذا معلوم من شهادتهم فيتمكن القاضي من القضاء به فلهذا يحبسه حتى يجئ بها ويردها على صاحبها. فان قال الغاصب قد ماتت أو قد بعتها ولا أقدر عليها تلوم القاضي في ذلك زمانا ولم يعجل بالقضاء بالقيمة لان بقضائه يتحول الحق من العين إلى القيمة وفيه نوع ضرر علي صاحبها فعين الملك مقصود لصاحبها كماليتها وربما يتعلل الغاصب بذلك لتسلم العين عند أداء القيمة فلهذا لا يعجل بالقضاء بها وليس لمدة التلوم مقدار بل يكون ذلك موكولا إلى رأى القاضي لان نصب المقادير بالرأي لا يكون (2) وهذا التلوم إذا لم يرض المغصوب منها بالقضاء بالقيمة له فأما إذا رضى بذلك أو تلوم له القاضي فلم يقدر علي الجارية فان اتفقا في قيمتها علي شئ أو أقام المغصوب منه البينة علي ما يدعى من قيمتها قضى له القاضي بذلك وإن لم يكن له بينة فالقول قول الغاصب مع يمينه لان المالك يدعي الزيادة وهو منكر لها فان استحلف فنكل كان نكوله بمنزلة اقراره بما يدعيه المالك وان حلف قضي له بما أقر به الغاصب لان ما زاد على ذلك انتفى عنه بيمينه ما لم يقم المالك حجة عليه فان ظهرت الجارية بعد ذلك فإن كان القضاء بالقيمة بالبينة أو بالنكول أو بالاقرار من الغاصب بما ادعي المالك فالجارية له لا سبيل للمغصوب منه عليها وإن كان القضاء بالقيمة بزعم الغاصب بعد ما يحلف يخير المغصوب منه فإن شاء استردها ورد ما قبض علي الغاصب وان شاء
(٦٦)