المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ١٤٧
دعوة المملوك وحديث أبي سعيد مولى أبى أسيد رضى الله تعالى عنه قال عرست وأنا عبد فدعوت رهطا من الصحابة رضى الله تعالى عنهم فيهم أبو ذر فأجابوني. فدل أن للعبد اتخاذ للدعوة حتى أجابه أبو ذر رضى الله تعالى عنه مع زهده * والعبد الذي أمره المولى بأداء الغلة مأذون له في التجارة لأنه لا يتمكن من الأداء إلا بالاكتساب فأمر المولي إياه بأداء الغلة يكون إذنا له في الاكتساب (عبد مأذون له) أجر دابته من رجل فنفقت تحته فاستحقها رجل وضمن الراكب قيمتها يرجع بها على العبد المأذون كما يرجع على الحر لأنه صار مغرورا من جهته باشتراطه العوض لنفسه والمأذون يؤاخذ بضمان الغرور كالحر ولهذا تبين خطأ بعض المتأخرين من مشايخنا رحمهم الله تعالى أن ضمان الغرور كضمان الكفالة وان الغار يصير كالقائل للمغرور ان ضمنك أحد بسبب ركوب هذه الدابة أو استيلاد هذه الجارية في البيع فأنا ضامن لك ذلك لأنه لو كان هذا بطريق الكفالة لم يؤاخذ به المأذون فان العبد المأذون لا يؤاخذ بضمان الكفالة ولكن الطريق أن من باشر عقد المعاوضة فهو ملتزم سلامة المعقود عليه عن العيب ولا عيب فوق الاستحقاق والرجوع عليه لهذا. ولهذا لا رجوع على المعير الواهب لأنه لا يلتزم صفة السلامة بعقد التبرع * ثم العبد في التزام صفة السلامة بعقد المعاوضة وهو التجارة كالحر * وإذا أعار عبد محجور عليه عبدا مثله دابة فركبها فهلكت تحته ثم استحقها رجل فله ان يضمن أيهما شاء لان أحدهما غاصب لملكه بالتسليم إلى الاخر والآخر مستهلك باستعماله فان ضمن الراكب لم يرجع على المعير لانعدام الغرور منه ولان المعير كان محجورا عليه فلا يؤاخذ بضمان الأقوال وان ضمن المعير رجع به مولاه في رقبة الراكب لان الدابة صارت كسب المعير حين تقرر عليه ضمانها وكسب العبد لمولاه. فتبين ان الراكب أتلف ملكه بغير رضاه. وكذلك أن كانت الدابة لمولى المعير فله أن يضمن الراكب لان اذن العبد المحجور عليه غير معتبر في اسقاط حق المولى فبقي الراكب مستعملا دابته بغير رضاه فكان غاصبا ضامنا * وان استعار الرجل دابة نتوجا فألقت من غير أن يعنف عليها فلا ضمان عليه لأنها لو هلكت من الركوب المعتاد لم يضمن فإذا هلك ما في بطنها أولى وان ضربها ففقأ عينها أو كبحها باللجام فهلكت فهو ضامن لها لأنه متلف بما صنع وإنما أذن له المالك في الركوب دون الضرب * ولو استعار من رجل سلاحا ليقاتل به فضرب بالسيف فانقطع نصفين أو طعن بالرمح فانكسر فلا ضمان عليه لأنه مأذون في الاستعمال والاستعمال يكون الا هكذا
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست