المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ١٤٦
المستعير والمستأجر يضمنان بالامساك فإنه لو استعار أو استأجر دابة ليركبها إلى مكان كذا فأمسكها في المصر أياما كان ضامنا فكذلك إذا جاوز المكان المشروط فإنما ضمناه بامساكها في غير الموضع الذي تناوله الاذن ولا ينعدم الامساك إلا بالرد. فأما المودع يصير ضامنا بالاستعمال لا بالامساك وقد انعدام الاستعمال حين عاد إلى الوفاق. يقول فان أقام صاحبها البينة أنها نفقت تحته في دير عبد الرحمن من ركوبه وأقام المستعير شاهدين أنه قد ردها إلي صاحبها أخذت بينة رب الدابة لأنها تثبت سبب تقرر الضمان على الراكب وبينة المستعير تنفى ذلك والبينات للاثبات * وإذا نفقت الدابة تحت المستعير ثم أقام رجل البينة انها دابته يقضي القاضي له بالملك لاثباته ذلك بالحجة ولا يسأله البينة أنه لم يبع ولم يهب لان ذلك لا يدعيه أحد والقاضي نصب لفصل لخصومات لا لانشائها فان ادعى ذلك الذي أراد أن يضمنه أو قال أذن لي في عاريتها يحلف على ذلك لأنه ادعى عليه ما لو أقربه لزمه فإذا أنكر يستحلفه فان نكل كان نكوله كاقراره فلا يضمن المستحق أحدا وان حلف كان له أن يضمن أيهما شاء لان كل واحد منهما متعد في حقه المعير بالتسليم والمستعير بالقبض والاستعمال فان ضمن المعير لم يرجع على المستعير لأنه ملكها من حين وجب عليه الضمان فيتبين انه أعار ملك نفسه وان ضمن المستعير لم يرجع على المعير أيضا لأنه ضمن بفعل باشره لنفسه بخلاف المودع ولأنه لم يصر مغرورا من جهة المعير حين لم يشترط المعير لنفسه عوضا بخلاف المستأجر فقد صار مغرورا من جهة الاجر بمباشرته عقد الضمان واشتراط العوض لنفسه. ثم على المستأجر الاجر إلى الموضع الذي نفقت فيه الدابة لأنه استوفى المعقود عليه وذلك للأجر دون الملك لان تقوم المنفعة كان بعقده وبه وجب الاجر * ولا بأس بأن يعير العبد التاجر والعبد الذي يؤدى الغلة الدابة. وفى القياس ليس لهما ذلك لأنه تبرع والمملوك ليس من أهله فان تبرعه يكون بملك الغير ولأنه صار منفك الحجر عنه في التجارة والإعارة ليست من التجارة في شئ * ووجه الاستحسان ان هذا من توابع التجارة فان التاجر لا يجد منه بدا لأنه إذا أراد الانسان أن يعامله فلا بد أن يجلسه في حانوته أو يضع وسادة له وهو إعارة لذلك الموضع منه وقد يستعار منه الميزان أو صنجات الميزان فإذا لم يعر لان يعار منه عند حاجته أيضا * وما يكون من توابع التجارة يملكه المأذون كاتخاذ الضيافة اليسيرة والاهداء إلى المجاهدين بشئ. والأصل فيه ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجيب
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»
الفهرست