البائع نصف النقصان لأنه كان أمينا في نصفها وقد تعدى بالبيع والتسليم ألا ترى أنها لو هلكت كان له أن يضمن البائع نصف قيمتها فكذلك إذا فات جزء منها بالولادة فإن لم يعلم أن الجارية لهذا الذي حضر الا بقول المستودعين لم تقبل شهادتهما في ذلك لان البائع منهما مناقض في كلامه والآخر قد تملك عليه المستولد نصيبه أيضا بالضمان فلا تقبل شهادتهما على ابطال ملك ثابت للمستولد عليهما ولكن الجارية أم ولد للمشترى باعتبار الظاهر ويضمن لشريكه نصف قيمتها ونصف عقرها فيدفعه إلى شريكه فيها كما هو الحكم في جارية مشتركة بين شريكين يستولدها أحدهما (فان قيل) كيف يغرم للشريك هنا وهو يأبى ذلك ويزعم أنها مملوكة لغيره (قلنا) نعم ولكنه صار مكذبا في زعمه شرعا حين كانت الجارية أم ولد للمشترى فلهذا سقط اعتبار زعمه (وإذا) جحد المستودع ما عنده من الوديعة ثم أودع من ماله عند المودع مثل ذلك وسعه إمساكه قصاصا بما ذهب به من وديعته لان المال صار دينا له على المستودع بجحوده وصاحب الحق متى ظفر بجنس حقه من مال المديون يكون له أن يأخذه والأصل فيه قول رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم لهند خذي من مال أبي سفيان ما يكفيك وولدك بالمعروف (وقيل) في تأويل قوله صلى الله عليه وسلم لصاحب الحق اليد وللسان ان المراد أخذ جنس حقه إذا ظفر به * وكذلك أن كان المال دينا عليه وأنكره ثم أودعه مثله. فأما إذا أودعه شيئا من غير جنس حقه لم يسعه إمساكه عنه لان هذا بيع عند اختلاف الجنس فلا ينفرد هو به والأول استيفاء وصاحب الحق ينفرد بالاستيفاء وحكى عن ابن أبي ليلي رحمه الله التسوية بينهما للمجانسة من حيث المالية ولكنه بعيد فالوديعة عين لا يكون له أن يحبسها باعتبار صفة المالية إذا لم يثبت له حق تملك العين ولا يدخل عليه المرهون لان هناك المرتهن يحبس المرهون بايجاب الراهن ملك اليد له في العين وإن كان عند الهلاك يصير مستوفيا دينه باعتبار المالية. ثم عند المجانسة إذا طلب الثاني يمين المودع الأول كان له أن يحلف بالله لا يلزمني تسليم شئ إليك. فان قال للقاضي حلفه بالله ما استودعته كذا فله ذلك إلا أن يؤدى المدعى عليه فيقول قد يودع الرجل غيره شيئا ثم لا يلزمه تسليم شئ إليه فان أدى بهذه الصفة فقد طلب من القاضي أن ينظر له فيجيبه إلي ذلك فأما إذا لم يذكر هذا فان القاضي يحلفه كما طلب الخصم بالله ما أودعه ما يدعى ثم لا ينبغي له ان يحلف على ذلك لأنه يكون كاذبا في يمينه ولا رخصة في اليمين الكاذبة فطريق التخلص له أن
(١٢٨)