إذا هلكت وهذا بناء على أصلنا فان للمودع أن يسافر بالوديعة عند اطلاق العقد. وعند الشافعي ليس له ذلك لان فيه تعريض المال للهلاك قال صلى الله عليه وسلم المسافر ومتاعه وماله على قلت الا ما وقى الله تعالى وليس للمودع تعريض الوديعة للتلف وهذا بخلاف الأب والوصي والمضارب فإنهم يسافرون للتجارة وطلب الريح. ألا ترى أن هم أن يسافروا بالمال من طريق البحر وليس للمودع حق التصرف والاسترباح في الوديعة ولهذا لا يسافر من طريق البحر. يوضحه ان مقصود المودع أن يكون ماله في المصر محفوظا يتمكن منه متى شاء ويفوت عليه هذا المقصود إذا سافر المودع به. وحجتنا في ذلك أن الامر مطلق فلا يتقيد بمكان دون مكان كما لا يتقيد بزمان وهذا لان من يراعى أمره في شئ يراعى اطلاق أمره كأوامر الشرع والأمكنة كلها في صفة الامر سواء إنما الخوف من الناس دون المكان فإذا كان الطريق أمنا كان الحفظ فيه كالحفظ في جوف المصر ومراد رسول الله صلى الله عليه وسلم بيان الحالة في ذلك الوقت فان المسلمين كانوا لا يأمنون خارج المدينة لغلبة الكفار ألا ترى أنه فيما أخبر من الامر بعده قال يوشك أن تخرج الظعينة من القادسية إلى مكة لا تخاف الا الله تعالى والذئب على غنمها ولا يجوز أن يتقيد مطلق أمره بالعرف والمقصود لان النص مقدم على ذلك والمقصود مشترك فقد يكون قصده أن يحمل المال إليه خصوصا إذا سافر إلى البلد الذي فيه صاحب المال ولان المودع لا يتعذر عليه الخروج وللسفر في حاجتة بسبب قبول الوديعة وإذا خرج فاما أن يدفع الوديعة إلى غيره فيكون تاركا للنص لأنه أمره أن يحفظ بنفسه واما أن يحمل مع نفسه فيكون مخالفا لمقصوده ولا شك ان مراعاة النص أولى من مراعاة المقصود ولهذا قال أبو حنيفة ماله حمل ومؤنة ومالا حمل له ولا مؤنة في ذلك سواء بعدت المسافة أو قربت لمراعاة النص وهو القياس. واستحسن أبو يوسف رحمه الله فقال إذا كان حمل ومؤنة فليس له أن يسافر به لأنه يلزم صاحبها مؤنة الرد ولا ولاية له عليه في إلزام المؤنة إياه. واستحسن محمد رحمه الله فقال إذا قربت المسافة فله أن يسافر بها وإذا بعدت المسافة فليس له ذلك لأنه يعظم الضرر والمؤنة على صاحبها عند بعد المسافة إذا أراد ردها * ولو أودعه وديعة فقال لا تدفعها إلى امرأتك أو عبدك أو ولدك أو أجيرك فانى اتهمهم عليها فدفعها إلى الذي نهاه عنه فهلكت فإن كان يجد بدا من الدفع إليه بأن كان سواه أهل وخدم فهو ضامن وان كأن لا يجد بدا من ذلك لم يضمن لان شرطه هذا مفيد وقد
(١٢٢)