المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٠٠
المرة الرابعة كحاله قبل ذلك وإذا أسلم يجب قبول ذلك منه لقوله تعالى ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا وروى أن أسامة بن زيد رضي الله عنه حمل على رجل من المشركين فقال لا إله إلا الله فقتله فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أقتلت رجلا قال لا إله إلا الله من لك بلا إله الا الله يوم القيامة فقال إنما قالها تعوذا فقال هلا شققت عن قلبه فقال لو فعلت ذلك ما كان يتبين لي فقال صلى الله عليه وسلم فإنما يعبر عن قلبه لسانه إلا أنه ذكر في النوادر أنه إذا تكرر ذلك منه يضرب ضربا مبرحا لجنايته ثم يحبس إلى أن يظهر توبته وخشوعه وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه إذا فعل ذلك مرارا يقتل غيلة وهو أن ينتظر فإذا أظهر كلمة الشرك قتل قبل أن يستتاب لأنه قد ظهر منه الاستخفاف وقتل الكافر الذي بلغته الدعوة قبل الاستتابة جائز فان أبى المرتد أن يسلم فقتل كان ميراثه بين ورثته المسلمين على فرائض الله تعالى في قول علمائنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى ماله فئ يوضع في بيت مال المسلمين لقوله صلى الله عليه وسلم لا يرث المسلم الكافر والمرتد كافر فلا يرثه المسلم ولان المرتد لا يرث أحدا فلا يرثه أحد كالرقيق يوضحه أنه لا يرثه من يوافقه في الملة والموافقة في الملة سبب التوريث والمخالفة في الملة سبب الحرمان فلما لم يرثه من يوافقه في الملة مع وجود سبب التوريث فلأن لا يرثه من يخالفه في الملة أولى وإذا انتفي التوريث عن ماله فهو في أحد الوجهين لأنه مال حربي لا أمان له فيكون فيئا للمسلمين وفى الوجه الآخر هو مال ضائع فمصيبه بيت المال كالذمي إذا مات ولا وارث له من الكفار يوضع ماله في بيت المال (وحجتنا) في ذلك ظاهر قوله تعالى ان امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك والمرتد هالك لأنه ارتكب جريمة استحق بها نفسه فيكون هالكا ولما مات عبد الله بن أبي سلول جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله لورثته المسلمين وهو كان مرتدا وإن كان منافقا فقد شهد الله بكفره بعد الايمان وفيه نزل قوله تعالي ان الذين آمنوا ثم كفروا وان عليا رضي الله عنه قتل المستورد العجلي على الردة وقسم ماله بين ورثته المسلمين وذلك مروي عن ابن مسعود ومعاذ رضى الله تعالى عنهما والمعنى فيه أنه كان مسلما مالكا لماله فإذا تم هلاكه يخلفه وارثه في ماله كما لو مات المسلم وتحقيق هذا الكلام أن الردة هلاك فإنه يصير به حربا وأهل الحرب في حق المسلمين كالموتى إلا أن تمام هلاكه حقيقة بالقتل أو الموت فإذا تم ذلك استند التوريث إلى أول الردة وقد كان مسلما عند ذلك
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست