المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٠٣
يتصور فيجعل الحادث كالموجود عند ابتداء السبب وكذلك أن لحق بدار الحرب قسم الامام ماله بين ورثته وكان لحاقه بدار الحرب بمنزلة موته وعند الشافعي رحمه الله تعالى يبقى ماله بعد لحاقه موقوفا كما كان قبل لحاقه لن ذهابه إلى دار الحرب نوع غيبة فلا يتغير به حكم ماله كما لو كان مترددا في دار الاسلام ولكنا نقول إنه صار حربيا حقيقة وحكما لأنه قد أبطل حياة نفسه بدار الحرب حين عاد إلى دار الحرب حربا للمسلمين والحربي في دار الحرب كالميت في حق المسلمين قال الله تعالى أو من كان ميتا فأحييناه وقد قررنا هذا في النكاح في مسألة تباين الدارين ولأنه قد خرج من يد الامام حقيقة وحكما ولو كان في يده لموته حقيقة بان يقتله ويقسم ماله فإذا عجز عن ذلك بخروجه عن يده موته حكما فيقسم ماله بين ورثته وحكم بعتق أمهات أولاده ومدبريه وبحلول آجاله ثم قال أبو يوسف يعتبر من يكون وارثا له وقت قضاء القاضي بلحاقه وعند محمد وقت لحاقه وهذا لان عندهما ملكه لا يزول بالردة ولهذا ينفذ تصرف المرتد عندهما على ما نبينه فإنما زوال ملكه بسبب الردة عند لحاقه فيعتبر وارثه عند ذلك ولحاقه موت حكمي فهو كالموت الحقيقي بالقتل ولكن أبو يوسف يقول اللحاق في الحقيقة غيبة وإنما يصير موتا حكما بقضاء القاضي فيعتبر من يكون وارثا له عند القضاء باللحاق في استحقاق ماله وكذلك ترث منه امرأته ان كانت في العدة لان النكاح بينهما وان ارتفع بنفس الردة لكنه فار عن ميراثها وامرأة الفار ترث إذا كانت في العدة عند موته وعلى رواية أبي يوسف ترث وان كانت منقضية العدة عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لان سبب التوريث كان موجودا في حقها عند ردته وعلى تلك الرواية إنما يعتبر قيام السبب عند أول الردة وتبطل وصاياه لان تنفيذ الوصايا لحق الموصى ولم يبق له حق بعدما قتل على الردة أو لحق بدار الحرب وهذا بخلاف التدبير فان حق العبد في العتق بالتدبير قد ثبت للمدبر فيكون عتقه كعتق أم الولد أو حقه كحق أصحاب الديون وفى الكتاب يقول ردته كرجوعه عن الوصية لأنه بالردة يبطل حقه وتنفيذ الوصية كان لحقه فرجوعه يعمل في ابطال وصاياه ولا يعمل في ابطال تدبيره فكذلك ردته وهو لا يفعل شيئا من ذلك ما دام المرتد مقيما في دار الاسلام لأنه في يده حقيقة وحكما فيموته بالقتل حقيقة إن لم يسلم أولا ثم يقسم ماله وان فعل ذلك بعد لحاقه بدار الحرب ثم رجع تائبا قد مضى جميع ما فعله الامام غير أنه إذا وجد شيئا من ملكه بعينه في يد وارثه أخذه
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست