المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١١١
الكفر الأصلي فإنه تقتل عبيدهم كأحرارهم وإنما الاسترقاق بمنزلة اعطاء الأمان وبعقد الذمة ينتهي القتال في حق من يجوز أخذ الجزية منه لا في حق من لا يجوز أخذ الجزية منه كما في مشركي العرب والمرتدون لا تؤخذ منهم الجزية فلهذا لا ينتهى القتال في حقهم بعقد الذمة والشيخ إذا كان له رأى يقتل في الكفر الأصلي والردة لا تتصور الا ممن له رأى والترهب لا يتحقق بعد الاسلام لان القيام بنصرة دين الحق واجب على كل مسلم قال صلى الله عليه وسلم لا رهبانية في الاسلام وبدون تحقق السبب لا يثبت الحكم واختلف مشايخنا رحمهم الله تعالى في ذوي الأعذار من مشركي العرب فمنهم من يقول يقتلون في الكفر الأصلي لان حلول الآفة كعقد الذمة فإنه ينعدم به القتال فمن لا يسقط القتال عنه بعقد الذمة في الكفر الأصلي فكذلك بحلول الآفة فعلى هذا القول ذوو الاعذار من المرتدين يقتلون وقيل حلول الآفة بمنزلة الأنوثة لأنه تخرج به بنيته من أن تكون صالحة للقتال فعلى هذا القول لا يقتلون بعد الردة كما لا يقتلون في الكفر الأصلي وإذا ثبت أن المرتدة لا تقتل قلنا تسترق إذا لحقت بدار الحرب لاتفاق الصحابة رضي الله عنهم فان بني حنيفة لما ارتدوا استرق أبو بكر رضي الله عنه نساءهم وأصاب علي رضي الله عنه جارية من ذلك السبي فولدت له محمد بن حنفية رحمهما الله تعالى وذكر عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس رضي الله عنهما في النساء إذا ارتددن بسببين ولا يقتلن وهذا لأنها كالحربية والاسترقاق مشروع في الحربيات وما دامت في دار الاسلام في ظاهر الرواية لا تسترق لان حريتها المتأكدة بالاحراز لم تبطل بنفس الردة وهي دافعة للاسترقاق ولان دار الاسلام ليست بدار الاسترقاق وفي النوادر عن أبي حنيفة رحمه الله انها تسترق لأنا لما جعلنا المرتد بمنزلة حربي مقهور لا أمان له فكذلك المرتدة بمنزلة حربية مقهورة لا أمان لها فتسترق وان كانت في دارنا فان تصرفت في مالها بعد الردة نفذ تصرفها ما دامت في دار الاسلام لأنها تصرفت في خالص ملكها بخلاف الرجل على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وأشار إلى الفرق قال المرأة لا تقتل والرجل يقتل ومعنى هذا ان عصمة المال تبع لعصمة النفس فبالردة لا تزول عصمة نفسها حتى لا تقتل فكذلك عصمة مالها بخلاف الرجل ولهذا استوت بالرجل في التصرف بعد اللحوق لان عصمة نفسها تزول بلحاقها حتى تسترق والاسترقاق اتلاف حكما فكذلك عصمة مالها فان ماتت في الحبس أو لحقت بدار الحرب
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست