المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٩٧
الله صلى الله عليه وسلم أن يخمس ماله فقال أما اسلامك فمقبول وأما مالك فمال غدر فلا حاجة لنا فيه فان اشتراه أجزته لأنه صار مالكا للمال بالاحراز والنهى عن الشراء منه ليس لمعنى في عين الشراء فلا يمنع جوازه وان كانت جارية كرهت للمشترى وان يطأها لأنه قائم فيها مقام البائع وكان يكره للبائع وطئها فكذلك للمشترى وهذا بخلاف المشتراة شراء فاسدا إذا باعها المشترى جاز للثاني وطئها بعد الاستبراء لان الكراهة في حق الأول لبقاء حق البائع في الاسترداد وقد زال بالبيع الثاني وههنا الكراهة لمعني الغدر وكونه مأمورا بردها عليهم دينا وهذا المعنى في حق الثاني كهو في حق الأول فان أصاب أهل هذه الدار سبايا من غيرهم من أهل الحرب وسع هذا المسلم أن يشتريها منهم لأنهم ملكوا ذلك بالاحراز بمنعتهم فإنهم نهبة يملك بعضهم على بعض نفسه وماله بالاحراز فحل للمستأمن إليهم شراء ذلك منهم كسائر أموالهم وكذلك أن سبى أهل الدار التي هو فيها جاز له أن يشتريهم من السابين لأنهم ملكوهم بالاحراز وقد كانوا على أصل الإباحة في حقه إنما كان الواجب عليه أن لا يغدر بهم وليس ذلك من الغدر في شئ وكذلك لو أن المسلمين وادعوا قوما من أهل الحرب ثم أغار عليهم قوم آخرون أهل حرب لهم فلهذا المسلم أن يشترى السبي منهم لأنهم بالموادعة ما خرجوا من أن يكونوا أهل حرب ولكن علينا أن لا نغدر بهم وقد صاروا مملوكين للسابي بالاحراز فيجوز شراؤه منهم كسائر الأموال وإن كان الذين سبوهم قوم من المسلمين غدروا بأهل الموادعة لم يسمع المسلمون أن يشتروا من ذلك السبي وان اشتروا رددت البيع لأنهم كانوا في أمان من المسلمين فان أمان بعض المسلمين كأمان الجماعة ولا يملك المسلمون رقاب المستأمنين وأموالهم بالاحراز وهذا بخلاف ما لو كان دخل إليهم رجل بأمان ثم استولى عليهم المسلمون لان هناك المسلم ما أمنهم ولكنهم أمنوه وكيف يقال قد أمنهم وهو مقهور غير ممتنع منهم فلهذا حل للمسلمين سبيهم وههنا هم في أمان من المسلمين لأنه أمنهم من له منعة من المسلمين وإذا كان قوم من المسلمين مستأمنين في دار الحرب فأغار على تلك الدار قوم من أهل الحرب لم يحل لهؤلاء المسلمين أن يقاتلوهم لان في القتال تعريض النفس فلا يحل ذلك الا على وجه اعلاء كلمة الله عز وجل واعزاز الدين وذلك لا يوجد ههنا لان أحكام أهل الشرك غالبة فيهم فلا يستطيع المسلمون أن يحكموا بأحكام أهل الاسلام فكان قتالهم في الصورة
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست