المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٨٦
على هذا ويحبس وقال مالك رحمه الله تعالى هو ناقض للعهد بما صنع فيقتل وكذلك أن كان لا يزال يغتال رجلا من المسلمين فيقتله أو يفعل ذلك أهل أرضه لم يكن هذا نقضا للعهد عندنا وقال مالك رحمه الله تعالى هو نقض لأنه خلاف موجب العقد فان الذمي من ينقاد لحكم الاسلام في المعاملات ويكون مقهورا في دار الاسلام تحت يد المسلمين ومباشرة ما كان يخالف موجب العقد يكون نقضا للعهد ولكنا نقول لو فعل هذا مسلم لم يكن به ناقضا لايمانه فكذلك إذا فعله ذمي لا يكون ناقضا لأمانه والأصل فيه حديث حاطب بن أبي بلتعة وفيه نزل قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء وقصته فيما صنع معروفة في المغازي وقد سماه الله تعالى مؤمنا مع ذلك وحديث أبي لبابة بن المنذر وفيه نزل قوله تعالي يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وقصته فيما أخبر به بني قريظة معروفة وقد سماه الله مؤمنا فعرفنا ان مثل هذا لا يكون نقضا للايمان ولا للذمة ولكن من ثبت عليه القتل بالبينة يقتص منه فإن لم يعرف القاتل ووجد القتيل في قرية من قراهم ففيه القسامة والدية كما قضي به رسول الله صلى الله عليه وسلم في القتيل الموجود بخيبر فيحلف الملك خمسين يمينا بالله ما قتلت ولا عرفت قاتله ثم يغرم الدية ولا يحلف بقية أهل مملكته لأنهم عبيده والعبيد لا يزاحمون الأحرار في القسامة والدية فإن كانوا أحرارا فعليهم القسامة والدية لأنهم يساوونه في الحرية والسكنى في القرية فيشاركونه في القسامة والدية وإذا طلب قوم من أهل الحرب الموادعة سنين بغير شئ نظر الامام في ذلك فان رآه خيرا للمسلمين لشدة شوكتهم أو لغير ذلك فعله لقوله تعالى وان جنحوا للسلم فاجنح لها ولان رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح أهل مكة عام الحديبية على أن وضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين فكان ذلك نظرا للمسلمين لمواطئة كانت بين أهل مكة وأهل خيبر وهي معروفة ولان الامام نصب ناظرا ومن النظر حفظ قوة المسلمين أولا فربما يكون ذلك في الموادعة إذا كانت للمشركين شوكة أو احتاج إلى أن يمعن في دار الحرب ليتوصل إلى قوم لهم بأس شديد فلا يجد بدا من أن يوادع من على طريقه وإن لم تكن الموادعة خيرا للمسلمين فلا ينبغي أن يوادعهم لقوله تعالى ولا تهنوا وتدعوا إلي السلم وأنتم الأعلون ولان قتال المشركين فرض وترك ما هو الفرض من غير عذر لا يجوز فان رأى الموادعة خيرا فوادعهم ثم نظر فوجد موادعتهم شرا للمسلمين نبذ إليهم الموادعة وقاتلهم لأنه ظهر في الانتهاء
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست