ولان قتل الكافر جزاء مستحق لحق الله تعالى فلا يجوز اسقاطه بمال أصلا فإذا ثبت أنه ليس بعوض عن شئ عرفنا أنه صلة وفى الصلات المعتبر الفعل دون المال والأفعال لا يمكن استيفاؤها من التركة فإنما يبقى بعد الموت ما يمكن استيفاؤه ألا ترى أنه لو استأجر خياطا ليخيط ثوبه بيده فمات الخياط بطل العقد لان المستحق الفعل ولا يمكن استيفاؤه من التركة وإن لم يمت ومرت عليه سنون قبل أن يؤخذ خراج رأسه لم يؤخذ بذلك في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى الا باعتبار السنة التي هو فيها ويؤخذ في قولهما بجميع ما مضى إذا لم يكن ترك ذلك لعذر وتلقب هذه المسألة بالموانيذ وهما يقولان الموانيذ في خراج الرأس كالموانيذ في خراج الأرض ثم يستوفى جميع ذلك وان طالت المدة فكذلك هنا وهذا لأنه ما بقي حيا مصرا على كفره فاستيفاؤه من الوجه الذي وجب ممكن بخلاف ما بعد اسلامه وموته ولأبي حنيفة رحمه الله تعالى حرفان أحدهما أن الواجب عليهم بطريق العقوبة والعقوبات التي تجب لحق الله تعالى إذا اجتمعت تداخلت كالحدود وفى حقنا خلف عن النصرة وهذا المعنى يتم باستيفاء جزية واحدة منه فلا حاجة إلى استيفاء ما مضى ولان المقصود ليس هو المال بل المقصود استذلال الكافر واستصغاره لان اصراره على الشرك في دار التوحيد جناية فلا ينفك عن صغار يجرى عليه وهذا المقصود يحصل باستيفاء جزية واحدة فلو أخذناه بالموانيذ لم يكن ذلك الا لمقصود المال وقد بينا ان المال غير مقصود ولهذا لا يبقى بعد موته واسلامه ثم أو ان أخذ خراج الرأس منه آخر السنة قبل أن يتحول وقد روى عن أبي يوسف انه يؤخذ منه في كل شهرين بقسط ذلك وعن محمد انه يؤخذ شهرا فشهرا ليكون أشد عليه وأقرب إلى تحصيل المنفعة للمسلمين والأصح هو الأول من أن المعتبر الحول كما في زكاة المال في حق المسلم وخراج الأراضي ولا يؤخذ بخراج الأرض في السنة الا مرة واحدة وان استغلها صاحبها مرات لحديث عمر رضي الله عنه فإنه ما أخذ الخراج من أهل الذمة في السنة الا مرة واحدة ولان ريع عامة الأراضي في السنة يكون مرة واحدة وإنما يبنى الحكم على العام الغالب والأراضي يكون فيها الشجر الكبير يوضع عليها من الخراج بقدر الطاقة لان عمر رضي الله عنه فيما وظفه اعتبر الطاقة فعرفنا ان ذلك هو الأصل فإذا عطل أرضه لم يسقط عنه خراجها لأنه هو الذي اختار ترك الاستغلال والانتفاع بها وقصد بذلك اسقاط حق مصارف الخراج فرد عليه قصده
(٨٢)