المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٨٣
بخلاف العشر فالواجب هناك جزء من الخراج والايجاب بدون المحل لا يتحقق وههنا الواجب مال في ذمته باعتبار تمكنه من الانتفاع بالأرض فلم ينعدم ذلك بتعطيله الأرض وان زرعها فأصاب الزرع آفة فذهب لم يؤخذ الخراج لأنه مصاب فيستحق المعونة ولو أخذناه بالخراج كان فيه استئصاله ومما حمد من سير الأكاسرة انهم كانوا إذا اصطلم الأرض آفة يردون على الدهاقين من خزائنهم ما أنفقوا في الأرض ويقولون التاجر شريك في الخسران كما هو شريك في الربح فإن لم يرد عليه شيئا فلا أقل من أن لا يؤخذ منه الخراج وهذا بخلاف الاجر فإنه يجب بقدر ما كان الأرض مشغولا بالزرع لان الاجر عوض المنفعة فبقدر ما استوفى من المنفعة يصير الاجر دينا في ذمته فأما الخراج صلة واجبة باعتبار الأراضي فلا يمكن ايجابها بعدما اصطلم الزرع آفة لأنه ظهر أنه لم يتمكن من استغلال الأرض بخلاف ما إذا عطلها وإذا أسلم الذمي على أرضه كان عليه خراجها كما كان عندنا وقال مالك رحمه الله تعالى يسقط ذلك وكذلك إذا باعها من مسلم واعتبر خراج الأرض بخراج الرأس فكما لا يجب على المسلم بعد اسلامه خراج الرأس فكذلك خراج الأرض ولكنا نقول الخراج مؤنة الأرض النامية كالعشر والمسلم من أهل التزام المؤنة وهذا لأنه بعد الاسلام لا يخلى أرضه عن مؤنة فابقاء ما تقرر واجبا أولى لأنا ان أسقطنا ذلك احتجنا إلى ايجاب العشر بخلاف خراج الرأس فانا لو أسقطنا ذلك عنه بعد اسلامه لا نحتاج إلى ايجاب مؤنة أخرى عليه ولا يكره للمسلم أداء خرج الأرض لما روى عن ابن مسعود والحسن بن علي وشريح رضي الله عنهم انه كانت لهم أرضون بالسواد يؤدون خراجها فبهذا تبين ان خراج الأرض لا يعد من الصغار وإنما الصغار خراج الأعناق بخلاف ما يقوله المتقشفة ويستدلون بما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى شيئا من آلات الحراثة فقال ما دخل هذا بيت قوم الا ذلوا ظنوا ان المراد الذل بالتزام الخراج وليس كذلك بل المراد ان المسلمين إذا اشتغلوا بالزراعة واتبعوا أذناب البقر وقعدوا عن الجهاد كر عليهم عدوهم فجعلوهم أذلة تغلبي اشترى أرضا من أرض الخراج فعليه الخراج كما كأن لأنه إنما يضعف عليه ما يبتدأ المسلم بالايجاب عليه هكذا جرى الصلح بيننا ولا يبتدأ المسلم بتوظيف الخراج على أرضه الا ترى ان أهل بلدة لو أسلموا طوعا يجعل على أراضيهم العشر دون الخراج فلهذا لا يضعف الخراج على التغلبي وان اشترى أرضا من أرض العشر ضوعف عليه العشر لان
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست