المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٨٩
الله عليه وسلم دليل على أن الحكم في الكل واحد مع أن مطلق الصدقة ينصرف إلى الواجب وفى بعض الروايات قال صدقة ماله وهو تنصيص إلى الواجب وكان المعني فيه أن الواجب فعل هو قربة في محل يجري فيه الشح والضن وهو المال باعتبار مصرف ليس بينهما ولاد ثم عند الاشتباه والحاجة أقام الشرع أكثر هذه الأوصاف مقام الكل في حكم الجواز والحاجة ماسة لتعذر استرداد المقبوض من القابض وبهذا يستدل في المسألة الأولى أيضا فان الصدقة على الغني فيها معنى القربة كالتصدق على الولد ولهذا لا رجوع فيه فيقام أكثر الأوصاف مقام الكل في حق الجواز ثم طريق معرفة البنوة الاجتهاد الا تري انه لما نزل قوله تعالى الدين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم قال عبد الله بن سلام رضي الله عنه والله إني بنبوته أعرف منى بولدي فانى أعرفه نبيا حقا ولا أدري ماذا أحدث النساء بعدي وإذا كان طريق المعرفة الاجتهاد كان هذا والأول سواء من حيث إنه لا ينتقض الاجتهاد باجتهاد مثله فان تبين انه هاشمي فكذلك الجواب في ظاهر الرواية لان المنع من جواز صرف الواجب إليه باعتبار النسب مع أن التصدق عليه قربة فهو وفصل الأب سواء وفى جامع البرامكة روى أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى انه يلزمه الإعادة لان كونه من بني هاشم مما يوقف عليه في الجملة ويصير كالمعلوم حقيقة فكان هذا بمنزلة ظهور النص بخلاف الاجتهاد ودليله انه لو قال لهاشمي لست بهاشمي فإنه يحد أو يعزر على حسب ما اختلفوا فيه ولو تبين أن المدفوع إليه ذمي فهو على هذا الخلاف أيضا وفى الأمالي روى أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه لا يجزئه لان الكفر مما يوقف عليه ولهذا لو ظهر أن الشهود كفار بطل قضاء القاضي وفى ظاهر الرواية قال ما يكون في الاعتقاد فطريق معرفته الاجتهاد والتصدق على أهل الذمة قربة فهو وما سبق سواء وفى الكتاب قال أعطى ذميا أخبره انه مسلم أو كان عليه سيما المسلمين وفى هذا دليل انه يجوز تحكيم السيما في هذا الباب قال تعالى يعرف المجرمون بسيماهم وقال تعالى تعرفهم بسيماهم وفيه دليل ان الذمي إذا قال أنا مسلم لا يصير مسلما لأنه قال أخبره انه مسلم ثم علم أنه ذمي وهذا لان قوله أنا مسلم أن منقاد للحق مستسلم وكل أحد يدعى ذلك فيما يعتقده وقد قال بعض المتأخرين المجوسي يا ذا قال أنا مسلم يحكم باسلامه لأنهم يتشاءمون بهذا اللفظ ويتبرؤون منه بخلاف أهل الكتاب وان تبين أن المدفوع إليه مستأمن حربي فهو جائز على ما
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست