لا يمكن التدارك ثم جاز العمل فيهما بأكبر الرأي عند الحاجة ففيما دون ذلك أولي وإنما يتوصل إلى أكبر الرأي في حق الداخل عليه بأن يحكم رأيه وهيئته فإن كان قد عرفه قبل ذلك بالجلوس مع أهل الخير فيستدل به على أنه هارب من اللصوص وان عرفه بالجلوس مع السراق استدل عليه أنه سارق وإذا قال الرجل إن فلانا الرجل أمرني ببيع جاريته التي هي في منزله ودفعها إلى مشتريها فلا بأس بشرائها منه وقبضها من منزل مولاها بأمر البائع أو بغير أمره أو إذا فاه ثمنها وكان البائع ثقة أو كان غير ثقة ووقع في قلبه أنه صادق لان الجارية لو كانت في يده جاز شراؤها منه لا باعتبار يده بل باخباره أنه وكيل بالبيع فان هذا خبر مستقيم صالح وهذا موجود وإن لم تكن في يده وبعد صحة الشراء له أن يقبضها إذا أوفي الثمن من غير أن يحتاج إلى اذن أحد في ذلك وإن كان وقع في قلبه أنه كاذب قبل الشراء أو بعده قبل أن يقبض لم ينبع له أن يتعرض لشئ حتى يستأمر مولاها في أمرها لان أكبر الرأي بمنزلة اليقين في حقه فان ظهر كذبه قبل الشراء فهو مانع له من الشراء وان ظهر بعد الشراء فهو مانع له من القبض بحكم الشراء لان ما يمنع العقد إذا اقترن به يمنع القبض بحكمه أيضا كالتخمر في العصير وكذلك لو قبضها ووطئها ثم وقع في قلبه أن البائع كذب فيما قال وكان عليه أكبر ظنه فإنه يعتزل وطأها حتى يتعرف خبرها لان كل وطأة فعل مستأنف من الواطئ ولو ظهر له هذا قبل الوطأة الأولى لم يكن له أن يطأها فكذلك بعدها وهكذا أمر الناس ما لم يجئ التجاحد من الذي كان يملك الجارية فإذا جاز ذلك لم يقربها وردها عليه لان الملك له فيها ثابت بتصادقهم وتوكيله لم يثبت بقول البائع فعليه أن يردها ويتبع البائع بالثمن لبطلان البيع بينهما عند جحود التوكيل وينبغي للمشتري أن يدفع العقر إلى مولى الجارية لأنه وطئها وهي غير مملوكة له وقد سقط الحد بشبهة فيلزمه العقر وإن كان المشترى حين اشتراها شهد عنده شاهدا عدل أن مولاها قد أمره ببيعها ثم حضر مولاها فجحد أن يكون أمره ببيعها فالمشترى في سعة من امساكها والتصرف فيها حتى يخاصمه إلى القاضي لان شهادة الشاهدين حجة حكمية ولو شهدا عند القاضي لم يلتفت القاضي إلى جحود المالك وقضى بالوكالة وبصحة البيع فكذلك إذا شهدا عنده فإذا خاصم إلى القاضي فقضى له بها لم يسعه امساكها بشهادة الشاهدين لان قضاء القاضي أنفذ من الشهادة التي لم يقض بها ومعني هذا أن الشهادة لم تكن ملزمة بدون القضاء وقضاء القاضي يلزمه بنفسه والضعيف لا يظهر
(١٧٨)