المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٩٣
في اجتهاده فيسقط اعتبار اجتهاده كالقاضي فيما يقضي باجتهاده إذا ظهر النص بخلافه والمتوضئ بماء إذا علم بنجاسته بخلاف ما إذا تيامن أو تياسر لان هناك لا يتيقن بالخطأ فان وجه المرء مقوس فان عند التيامن أو التياسر يكون أحد جوانب وجهه إلى القبلة وأما عند الاستدبار لا يكون شئ من وجهه إلى الكعبة فيتيقن بالخطأ به (وحجتنا) في ذلك قوله تعالى ولله المشرق والمغرب الآية وفي سبب نزولها حديثان أحدهما ما روي عن عبد الله بن عامر رحمه الله تعالى قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر في ليلة طحياء مظلمة فاشتبهت علينا القبلة فتحرى كل واحد منا وخط بين يديه خطأ فلما أصبحنا إذا الخطوط على غير القبلة فلما رجعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سألناه عن ذلك فنزلت الآية فقال صلى الله عليه وسلم أجزأتكم صلاتكم وفى حديث جابر رضي الله عنه قال كنا في سفر في يوم ذي ضباب فاشتبهت علينا القبلة فتحرى وصلى كل واحد منا إلى جهة فلما انكشف الضباب فمنا من أصاب ومنا من أخطأ فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فنزلت الآية ولم يأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلاة وقال علي رضي الله عنه قبلة المتحري جهة قصده معناه تجوز صلاته إذا توجه إلى جهة قصده والمعنى فيه أنه مؤد لما كلف فيسقط عنه الفرض مطلقا كما لو تيامن أو تياسر وبيان الوصف ما قررناه فيما سبق ان المقصود من طلب الجهة ليست عين الجهة إنما المقصود وجه الله تعالى الا انه يؤمر بطلب الجهة لتحقيق معنى الابتلاء وما هو المقصود وهو الابتلاء قد تم بتحريه فيسقط عنه ما لزمه من الفرض ألا تري ان في التيامن والتياسر علي وجه لا يجوز مع العلم يحكم بجواز صلاته عند التحري للمعنى الذي قلنا فكذلك في الاستدبار وايضاح ما قلنا فيما نقل عن بعض العارفين قال قبلة البشر الكعبة وقبلة أهل السماء البيت المعمور وقبلة؟؟؟؟
الكرسي وقبلة حملة العرش العرش ومطلوب الكل وجه الله تعالى وهذا بخلاف ما إذا ظهرت النجاسة في الثوب أوفى الماء لما قلنا إن ذلك مما يمكن الوقوف على حقيقته ولان التوضي بالماء النجس ليس بقربة فلا يمكن أداء الواجب به بحال فأما الصلاة إلى غير القبلة قربة ألا ترى ان الراكب يتطوع على دابته حيث ما توجهت به اختيارا ويؤدى الفرض كذلك عند العذر أيضا وبنحو هذا فرق في الزكاة أيضا ان التصدق على الأب وعلى الغنى قربة ولهذا لا يثبت له حق الاسترداد كما قررنا فأما إذا أعرض عن الجهة التي أدى إليها اجتهاده وصلى إلى جهة أخرى
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»
الفهرست