الاسلام من اكسابه ثم ما بقي للذي أدانه في قول أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف رضوان عليهم أجمعين الكل في ذلك سواء لان من أصل أبى يوسف أن الحر بعد الردة في التصرفات بمنزلة الصحيح لتمكنه من دفع ما نزل به عن نفسه بالتوبة فكذلك المكاتب ومن أصل محمد رحمه الله تعالى أنه في التصرفات بمنزلة المريض لكونه مشرفا على الهلاك فكذلك المكاتب ومن أصل أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن الحر بالردة تتوقف تصرفاته ويصير في حكم المحجور عليه والمكاتب إنما ينفذ تصرفه بعد الردة لمراعاة حق مولاه لان كسبه قد تعلق به حق مولاه فأما في حق نفسه السبب الموجب للحجر متقرر فلهذا كان بمنزلة المريض فيما يلزمه باقراره ويقدم دين الاسلام عليه ويستوى في هذا كسب الاسلام وما اكتسبه بعد الردة لان حق المولى ثابت في ذلك كله لبقاء عقد الكتابة فلهذا يستوى الكسبان فيه وما بقي بعد قضاء ديونه وأداء مكاتبته يكون لورثته المسلمين لان قيام حق المولى يمنع من أن يجعل كسب ردته فيئا فيكون موروثا عنه بعد عتقه ككسب اسلامه ولو ارتد العبد المأذون ثم استدان في ردته ثم أسلم فجميع ذلك في رقبته لأنه باق على اذنه بعد الردة فإذا أسلم صار كأنه الردة لم تكن فيكون هذا وما استدانه في حال اسلامه سواء ولو قتل مرتدا عن مال كان غرماؤه أحق به من المولى لأنهم في حال حياته كانوا أحق بكسبه من المولى فكذلك بعد موته وإذا سعى ولد المكاتب المولود في مكاتبته وقضى مكاتبته وعتق ثم حضر غرماء أبيه لم يكن لهم أن يأخذوا من المولى ما أخذ ولكنهم يتبعون الولد بدينهم لأنه بعد موت أبيه قائم مقامه والمكاتب في حياته لو أدى المكاتبة أولا عتق ولا سبيل للغرماء على ما أخذه المولى فكذلك ولده بعد موته استحسانا نقول فإن كان المكاتب ترك مالا فأداه الابن إلى السيد فان الغرماء يرجعون بذلك المال على السيد لان حقهم ثبت في ذلك المال بموت المكاتب وهو مقدم على حق المولى فلا يملك الولد ابطال ذلك الحق عليهم ثم قال ويعود الابن مكاتبا كما كأن لان أداءه لما بطل صار كأن لم يؤد بدل الكتابة إلى المولى وقد قال قبل هذا في الفصل بعينه أنه يكون حرا وهكذا يذكر في آخر الكتاب ويضيفه إلى أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى ان ابن المكاتب إذا أدى من تركة المكاتب مالا في المكاتبة ولحقه دين كان على الميت فالعتق ماض فيؤخذ من المولى ما أخذ ويرجع على الابن ببدل الكتابة وهذا هو الأصح لان شرط عتقه قد وجد وهو الأداء فيعتق وإن كان المال مستحقا
(٦٣)