منه وحده فكان للمولى أن يمنع دفعا للضرر عن ملكه كمن استأجر دابة ليركبها هو ليس له أن يركب غيره أو استأجر ثوبا ليلبسه هو ليس له أن يلبس غيره لان الركوب واللبس يتفاوت فيه الناس فيصير المستأجر ممنوعا من التصرف فيما يملكه من المنفعة على وجه يلحق الضرر بصاحب الثوب ولكنه في الاستحسان لا يمنع من ذلك لان المولى أثبت له حق التقلب والتكسب وربما لا يحصل له هذا المقصود في المصر والخروج من المصر للطلب طريق ظاهر بين الناس فيصير مثبتا له ذلك الحق حين كاتب نصفه فلا يمنعه بعد ذلك منه وهذا أولى الوجهين بالأخذ به لان المقصود من هذا العقد الارفاق به وكذلك لو أراد أن يستخدمه أو يستسعيه يوما ويخلى عنه يوما للكسب فله ذلك في القياس لان خدمته ومنفعته ككسبه فكما أن للمولى أن يأخذ نصف كسبه فكذلك له أن يجعل نصف خدمته لنفسه بالتهايؤ بينه وبين نفسه وفى الاستحسان لا يعرض له في شئ حتى يؤدى أو يعجز لأنه أثبت له حق التقلب والتكسب وذلك بمنافعه يكون فمن ضرورة ثبوت هذا الحق له لازما أن يكون أحق بمنافعه وهذا أولى الوجهين بالأخذ به لأنه ارفاق به وليس فيه ضرر على مولاه فإنه إذا اكتسب بمنافعه كان للمولى أن يأخذ نصفه فيكون هذا تحويلا لحقه من المنفعة إلى الكسب ولا ضرر فيه ولو جعلنا المكاتب أحق بكسبه كان فيه ابطال حق المولى عن نصف الكسب فلهذا لا يعتبر الارفاق في ذلك وإذا كاتب نصف جاريته فولدت ولدا كان ولدها بمنزلتها ونصف كسبه للمولى لان نصف الولد مملوك كنصف الأم ونصف كسبه للأم لأنه داخل في كتابتها فتأخذ حصة ذلك من كسبه فان أدت عتق نصفها ونصف الولد معها ويسعى كل واحد منهما في نصف قيمته لان كل واحد منهما معتق البعض وقد احتبس ما بقي من ملك المولى فيه عنده وكل واحد منهما مقصود في هذه السعاية فإذا اكتسب الولد بعد ذلك فذلك الكسب له دون أمه ومولاه لأنه صار كالمكاتب بما لزمه من السعاية في نصف قيمته مقصودا وان ماتت الأم قبل أن تؤدى شيئا من كتابتها يسعى الولد في المكاتبة لان نصفه تبع للأم في الكتابة فيقوم مقامها بعد موتها في السعاية وفى المكاتبة فإذا أداها عتق نصفها كما لو أدت في حال حياتها ويسعى بعد ذلك في نصف قيمته ولا يسعى في نصف قيمة أمه لان في السعاية في نصف القيمة كل واحد منهما مقصود فلا يجب عليه ما كان واجبا عليها من السعاية لان ذلك في حكم التبعية ولا تبعية هنا في حق
(٤٤)