ثم جواز هذا العقد ثبت بالنص قال الله تعالى والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم ان علمتهم فيهم خيرا وبظاهر الآية يقول داود ومن تابعه إذا طلب العبد من مولاه أن يكاتبه وقد علم المولى فيه خيرا يجب عليه أن يكاتبه لان الامر يفيد الوجوب وقال بعض مشايخنا الامر قد يكون لبيان الجواز والإباحة كقوله تعالى وإذا حللتم فاصطادوا وقوله ان علمتم فيهم خيرا مذكور على وفاق العادة والعادة ان المولى إنما يكاتب عبده إذا علم فيه خيرا ولكن هذا ضعيف فإنه إذا حمل على هذا لم يكن مفيدا شيئا وكلام الله تعالى منزه عن هذا ولكن نقول الامر قد يكون للندب والإباحة ثابتة بدون هذا الشرط والندب متعلق بهذا الشرط فإنما ندب المولى إلى أن يكاتبه إذا علم فيه خيرا ثم الكتابة قد تكون ببدل منجم مؤجل وقد تكون ببدل حال عندنا بظاهر الآية فالتنجيم والتأجيل زيادة على ما يتلى في القرآن ومثل هذه الزيادة لا يمكن اثباتها بالرأي فعرفنا أنه ليس بشرط بل هو ترفيه والشافعي رحمه الله تعالى لا يجوز الكتابة الا مؤجلا منجما أقله نجمان قال لان العبد يلتزم الأداء بالعقد والقدرة على التسليم شرط لصحة التزام التسليم بالعقد وهو يخرج من يد مولاه مفلسا فلا يقدر على التسليم الا بالتأجيل والاكتساب في المدة فإذا كان مؤجلا منجما كان ملتزما تسليم ما يقدر على تسليمه فيصح وإذا كان حالا فإنما يلتزم تسليم ما لا يقدر على تسليمه فلا يصح العقد توضيحه أن صفة الحلول تفوت ما هو المقصود بالكتابة لأنه يثبت للمولى حق المطالبة عقيب العقد والعبد عاجز عن الأداء ويتحقق عجزه بفسخ العقد فيفوت ما هو المقصود وكل وصف يفوت ما هو المقصود بالعقد يجب نفيه عن العقد وذلك لا يكون الا بالتنجيم والتأجيل قال وهذا بخلاف السلم على أصله فان المسلم إليه قبل العقد كان من أهل الملك والعاقل لا يلتزم الا تسليم ما يقدر على تسليمه فعرفنا قدرته على التسليم بهذا الطريق وهنا العبد قبل العقد لم يكن أهلا للملك فيتيقن بعجزه عن التسليم في الحال ولان بعقد السلم يدخل ملك المسلم إليه بدل بقدرته على تسليم المسلم فيه في الحال وهو رأس المال وهنا بالعقد لا يدخل في ملك العبد شئ بقدرته على تسليم البدل في الحال (وحجتنا) في ذلك أن البدل في باب الكتابة معقود به كالثمن في باب البيع والقدرة على تسليم الثمن ليس بشرط لصحة الشراء فالقدرة على تسليم البدل في باب الكتابة مثله وهذا لأن العقد إنما يرد على المعقود عليه فتشرط القدرة على تسليم المعقود عليه ولهذا لا يجوز البيع الا بعد أن يكون المبيع
(٣)