المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ٢٠٩
الغيرة على أن تقتل نفسها وهل في ذلك الا ايثار العذاب والموت على صحبته وكذلك لو قال لها ان كنت تبغضين كذا لشئ يعلم أنها تحبه مثل الجنة والغنى فقالت أنا أبغضه فهو كالأول على ما بينا وان قال أنت طالق ان كنت تحبين كذا فقالت لست أحبه وهي كاذبة لم يقع الطلاق عليها لان السبب الظاهر وهو الاخبار قام مقام المعنى الخفي فيدور الحكم من السبب الظاهر وجودا وعدما ويسقط اعتبار المعنى الخفي وكذلك أن قال أنت طالق ثلاثا ان كنت انا أحب ذلك ثم قال لست أحب ذلك وهو كاذب فهي امرأته ويسعه ان يطأها فيما بينه وبين الله تعالى ويسعها المقام معه وهذا مشكل لأنه ان كأن لا يعرف ما في قلبها حقيقة يعرف ما في قلبه ولكن الطريق ما قلنا إن ما في قلبه وما في قلبها لا يمكن الوقوف على حقيقته فإنما يتعلق بالسبب وهو الاخبار فإذا أخبر بخلاف ما جعله شرطا لم يقع عليها شئ المحبة والبغض في ذلك سواء وان قال لها ان كنت أحب طلاقك فأنت طالق ثم قال لست أحب ذلك أو لم يقل شيئا فهي امرأته لان شرط وقوع طلاقها اخباره بمحبة طلاقها فإذا لم يقل شيئا لم يوجد الشرط وان قال لست أحبه فقد أخبر بضد ما جعله شرطا فلا يقع الطلاق وإن كان يحب ذلك حقيقة وكذلك لو قال لها ان كنت تحبين طلاقك فأنت طالق ثلاثا فشرط الوقوع إخبارها بمحبة الطلاق ما دامت في المجلس حتى إذا قامت قبل أن تقول شيئا لم تطلق وان كانت تحب ذلك بقلبها لانعدام الشرط وهو الخبر وكذلك أن قالت لا أحبه وهي كاذبة لم تطلق لأنها أخبرت بضد ما هو شرط الطلق وكذلك لو قال إن كنت تحبين الطلاق بقلبك أو تهوينه أو تريدينه أو تشتهينه بقلبك دون لسانك فأنت طالق ثلاثا فقالت لا أشاء ولا أحب ولا أقوى ولا أريد ولا أشتهي فهي امرأته لأنها أخبرت بضد ما هو شرط الطلاق ولا تصدق بعد ذلك على خلاف هذا القول اما للتناقض أو لان بالخبر الأول قد تم شرط بره وبعد تمام شرط البر في اليمين لا يتصور الحنث وان سكتت ولم تقل شيئا حتى قامت فهي امرأته لان الشرط لم يوجد وهو إخبارها في المجلس وإن كان في قلبها خلاف ما أخبرت به فإنه يسعها ان تقيم معه فيما بينها وبين الله تعالى في قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى ولا يسعها ذلك في قول محمد رحمه الله تعالى لأنه جعل الشرط محبتها بقلبها حين صرح به فلا معتبر بخبرها بخلافه ولكنا نقول إنما يعتبر من كلامه ما يمكن الوقوف على معرفته فاما أن يقوم
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست