من ولد فكانت مراعاة جانب التعميم بكلمة ما أولى وإذا حمل على معنى التعميم صارت الثلاثة مفوضة إليها فكانت كلمة من لتمييز الطلاق من سائر الأشياء في التفويض إليها أو هو صلة وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول كلمة ما للتعميم كما قالا وكلمة من للتبعيض حقيقة والكلام محمول على حقيقته فان الحقيقة لا تترك إلى المجاز الا لقيام الدليل فيعمل بحقيقة الكلمتين ويقول يزاد على الواحدة لحرف التعميم وينقص عن الثلاث لحرف التبعيض فيصير بيدها ثنتان فإذا أوقعت واحدة أو اثنتين جاز ذلك وان أوقعت ثلاثا لم يقع شئ عنده لان المأمور باثنتين لا يملك ايقاع الثلاث عنده وعندهما تطلق ثلاثا لان الثلاث صارت مفوضة إليها وفى الكتاب استشهد لقولهما بما لو قال كل من هذا الطعام ما شئت جاز له أن يأكل كله ولكن أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول هناك قام دليل المجاز وهو العرف ولأنه إباحة لا يتعلق بها اللزوم فينبنى الامر فيه على التوسع بخلاف الطلاق فإنه يتعلق به اللزوم فيعتبر فيه حقيقة كل لفظ ولو لم تختر شيئا حتى قال الزوج لك ألف درهم على أن تختاريني فاختارته كانت قد أبطلت الخيار لان اسقاط الخيار لا يتعلق بالجائز من الشرط الفاسد فان الشرط الفاسد لا يمنع ثبوته ولا شئ لها من الألف لأنها لا تملك الزوج باسقاطها خيارها شيئا (قال) ولو قال لها اختاري فقالت قد اخترت نفسي أو زوجي بطل الخيار ولم يقع شئ لان حرف أو يقتضى اثبات أحد المذكورين بغير عينه فاشتغالها بالكلام المبهم يكون ابطالا منها للخيار ولا يقع عليها شئ لأنها لم تجعل اختيارها نفسها عزيمة في كلامها وان قالت قد اخترت نفسي وزوجي طلقت بقولها قد اخترت نفسي فقولها بعد ذلك وزوجي لغو وان قالت قد اخترت زوجي ونفسي فقد سقط اختيارها بقولها اخترت زوجي فقولها ونفسي بعد ذلك لغو وهي امرأته ولا خيار لها والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب واليه المرجع والمآب * (باب الأمر باليد) * (قال) وإذا جعل الرجل أمر امرأته بيدها فالحكم فيه كالحكم في الخيار في سائر مسائل الباب المتقدم الا ان هذا صحيح قياسا واستحسانا لان الزوج مالك لأمرها فإنما يملكها بهذا اللفظ ما هو مملوك له فيصح منه ويلزم حتى لا يملك الزوج الرجوع عنه اعتبارا بايقاع الطلاق وان نوى بالأمر ثلاثا كان كما نوى حتى إذا طلقت نفسها ثلاثا تطلق ثلاثا لان هذا تفويض
(٢٢١)