يقال هذا يتحقق في كرامات الأولياء لان مثل ذلك الولي لا يجحد ما أوقع من الطلاق حتى يحتاج إلى إثباته عليه بالبينة ولأنا نبني الاحكام على الظاهر (قال) ولو شهدا بذلك على يومين متفرقين بينهما من الأيام قدر ما يسير الراكب من الكوفة إلى مكة تقبل شهادتهما لان تهمة الكذب هنا منتفية لظهور عدالتهما وإنما تعدد مكان ما شهدا به وباختلاف المكان لا يختلف المشهود به وهو الطلاق (قال) ولو شهد شاهدان أنه طلق عمرة يوم النحر بالكوفة وشهد شاهدان أنه طلق زينب يوم النحر بمكة أو أعتق عبده فشهادتهم جميعا باطلة لان القاضي يتيقن بكذب أحد الفريقين ولا يعرف الصادق من الكاذب فتعذر عليه العمل بشهادتهما (قال) فان جاءت إحدى البينتين قبل صاحبتها فحكم بها ثم جاءت الأخرى لم يلتفت إليها لان الأولى تأكدت بقضاء القاضي فتعين الكذب في الأخرى إذ لا يجوز نقض القضاء بالشك وهو نظير ما لو ادعى رجلان نكاح امرأة وأقام كل واحد منهما البينة واستويا لم يقض القاضي لواحد منهما ولو سبق أحدهما بإقامة البينة وقضى له ثم أقام الآخر البينة لم تقبل بينته لهذا المعنى (قال) ولو قال لامرأتين له أيتكما أكلت هذا الطعام فهي طالق فجاءت كل واحدة منهما بالبينة أنها أكلته فشهادتهم جميعا باطلة لتيقننا بكذب أحد الفريقين فالشرط أكل جميع الطعام من واحدة ولا يتصور أن تأكل كل واحدة منهما جميع الطعام فان جاءت احدى البينتين قبل الأخرى فحكم بها ثم جاءت الأخرى لم يلتفت إليها لان بقضائه تعين معنى الصدق في شهادة الفريق الأول فيتعين معنى الكذب في شهادة الفريق الثاني وان كانتا أكلتاه لم تطلق واحدة منهما لان الشرط أكل الواحدة جميع الطعام فان كلمة أي تتناول كل واحدة من المخاطبتين على الانفراد وقد بينا هذا والله سبحانه وتعالى أعلم بالصدق والصواب واليه المرجع والمآب * (باب طلاق المريض) * (قال) رضي الله عنه وإذا طلق المريض امرأته ثلاثا أو واحدة بائنة ثم مات وهي في العدة فلا ميراث لها منه في القياس وهو أحد أقاويل الشافعي رضى الله تعالى عنه وفى الاستحسان ترث منه وهو قولنا وقال ابن أبي ليلى وان مات بعد انقضاء عدتها ترث منه ما لم تتزوج بزوج آخر وهو قول الشافعي رضى الله تعالى عنه وقال مالك رحمه الله وان مات
(١٥٤)