المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ١٩٨
قال لأجنبي طلق امرأتي فان ذلك توكيل والتوكيل لا يتوقف بالمجلس وفي جانبها ليس بتوكيل فإنها لا تكون وكيلا ولا رسولا في الايقاع على نفسها فبقي تمليكا للامر منها فان طلقت نفسها ثلاثا وقال الزوج أردت ثلاثا فهي طالق ثلاثا لان قوله طلقي نفسك تفويض ولهذا جعلناه تمليكا للامر منها على معنى أنه فوض إليها ما كان إليه والتفويض يحتمل معنى العموم والخصوص فنية الثلاث فيه نية العموم وبعد ما صارت الثلاث مفوضة إليها يكون ايقاعها الثلاث كايقاع الزوج ولو قال أردت واحدة لم يقع عليها شئ في قول أبي حنيفة وعندهما يقع عليها واحدة وكذلك لو قال طلقي نفسك واحدة فطلقت نفسها ثلاثا لم يقع شئ في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعندهما يقع عليها واحدة وان قال لها طلقي نفسك ثلاثا فطلقت نفسها واحدة أو اثنتين وقع ذلك بالاتفاق هما يقولان أوقعت ما فوض إليها وزادت على ذلك لان الواحدة موجودة في الثلاث فهو كما لو قالت طلقت نفسي واحدة وواحدة وواحدة وكما لو قال لها طلقي نفسك فطلقت نفسها وضرتها وكما لو قال لعبده أعتق نفسك فأعتق نفسه وصاحبه أو قال لأجنبي بع عبدي هذا فباعه مع عبد آخر والدليل على وجود الواحدة في الثلاث ان الثلاث آحاد مجتمعة ألا ترى أنه لو قال لها طلقي نفسك ثلاثا فطلقت نفسها واحدة يقع وإنما يصح ايقاعها إذا كان ما أوقعت موجودا فيما فوض إليها توضيحه انه لو قال لها طلقي نفسك فقالت ابنت نفسي يقع عليها تطليقة رجعية وبما زادت من صفة البينونة لا تنعدم الموافقة في أصل الطلاق فكذلك إذا أوقعت الثلاث لان موجب الثلاث البينونة الغليظة وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول أتت بغير ما فوض إليها فكانت مبتدئة فيتوقف ايقاعها على إجازة الزوج كما لو قال لها طلقي نفسك فطلقت ضرتها وبيان الوصف ان الثلاث غير الواحدة وقد قررنا هذا في مسألة الشهادة فيما سبق بخلاف ما لو قالت واحدة وواحدة وواحدة لأنها بالكلام الأول تكون ممتثلة لما فوض وفي الكلام بالثانية والثالثة تكون مبتدئة وكذلك أن أوقعت على نفسها وضرتها (فان قيل) فكذلك هنا بقولها طلقت نفسي تكون ممتثلة لو اقتصرت عليه فإنما تكون مبتدئة في قولها ثلاثا فتلغو هذه الزيادة (قلنا) الطلاق متى قرن بالعدد فالوقوع بالعدد لا بلفظ الطلاق ولهذا لو قال لغير المدخول بها أنت طالق ثلاثا تطلق ثلاثا ولو مات بعد قوله طالق قبل قوله ثلاثا لم يقع شئ فإذا كانت مبتدئة في كلمة الايقاع لم يقع عليها شئ بدون اجازته وبه فارق صفة البينونة لان قولها
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»
الفهرست