فاختاري وكان زوجها مغيث يمشي خلفها ويبكي وهي تأباه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم الا تعجبون من شدة حبه لها وبغضها له ثم قال لها اتقى الله فإنه زوجك وأب ولدك فقالت أتأمرني فقال لا إنما انا شافع فقالت إذا لا حاجة بي إليه فاختارت نفسها وكان المعني فيه أن ملك الزوج يزداد عليها بالعتق فان قبل العتق كان يملك عليها تطليقتين ويملك مراجعتها في قرأين وعدتها حيضتان وذلك كله يزداد بالعتق وهي لا تتوصل إلى رفع هذه الزيادة الا برفع أصل العقد فاثبت الشرع لها الخيار لهذا ولهذا لو اختارت نفسها كان فسخا لا طلاقا بمنزلة الخيار الثابت لرفع أصل العقد وفي حق من توقف على اجازته لا يكون طلاقا ولان سبب هذا الخيار معنى في جانبها وهو ملكها أمر نفسها والفرقة متى كانت بسبب من جهة المرأة لا تكون طلاقا ويستوى إن كان الزوج حرا أو عبدا عندنا وعلى قول الشافعي رحمه الله تعالى إن كان زوجها عبدا فلها الخيار وإن كان زوجها حرا فلا خيار لها والرواة اختلفوا في زوج بريرة رضى الله تعالى عنها فروي أنه كان عبدا وروى أنه كان حرا فأصحابنا رحمهم الله تعالى أولوا ما روى أنه كان عبدا أي عند أصل العقد ولكنه كان حرا عند عتقها ولما تعارضت الروايات في صفة زوجها يجعل كأنه لم ينقل في ذلك شئ فيبقى الاعتماد على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ملكت بضعك فاختاري وفي هذا التعليل لا فرق بين أن يكون الزوج حرا أو عبدا والشافعي رحمه الله تعالى استدل بما روى أنه كان لعائشة رضي الله عنها زوجان مملوكان فأرادت عتقهما وسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأمرها بالبداءة بالغلام قال وإنما أمرها بذلك كيلا يثبت لها الخيار ولكنا نقول أمرها بذلك لاظهار فضيلة الرجال على النساء فإنها لو أعتقتهما معا عنده لا يثبت لها الخيار أيضا ومن طريق المعنى يقول بما اعترض تحقق المساواة بينهما فلا معنى لاثبات الخيار كالكتابية تحت مسلم إذا أسلمت أو المعسرة إذا أيسرت والزوج موسر والمنفية إذا أثبتت نسبها وللزوج نسب ثابت فلا خيار لها بخلاف ما إذا كان الزوج عبدا فان بما اعترض هناك من حريتها يظهر التفاوت وتنعدم الكفاءة ولكنا نقول ثبوت الخيار لها ليس لانعدام الكفاءة فان الكفاءة شرط لابتداء النكاح لا في البقاء ألا ترى أنه لو أعسر الزوج أو انتفى نسبه لا يثبت الخيار ولكن ثبوت الخيار لزيادة ملك الزوج عليها وفي هذا لا فرق عندنا بين أن يكون الزوج حرا أو عبدا وهذا لان الملك إنما يثبت بحسب الحل والحل
(٩٩)