والنساء فكما يتنصف ذلك الحل برق الرجل حتى يتزوج العبد اثنتين والحر أربعا فكذلك يتنصف برق المرأة ولا يمكن إظهار هذا التنصيف في جانبها بنقصان العدد لأن المرأة الواحدة لا تحل الا لواحد فظهر التنصيف باعتبار الحالة فاما أن يقول الأحوال ثلاثة حال ما قبل نكاح الحرة وحال ما بعده وحال المقارنة ولكن الحالة الواحدة لا تحتمل التجزء فتغلب الحرمة على الحل فتجعل محللة سابقة على الحرة ومحرمة مقترنة بالحرة أو متأخرة عنها أو في الحقيقة حالتان حالة الانضمام إلى الحرة وحالة الانفراد عنها فتجعل محللة منفردة عن الحرة ومحرمة مضمونة إلى الحرة فإذا كانت تحته حرة فهو بنكاح الأمة يضمها إلى الحرة فلهذا لا يصح فاما مع طول الحرة فهو بنكاح الأمة لا يضمها إلى الحرة فلهذا جاز نكاحها فأما الآية فقد نقل عن ابن عباس رضي الله عنه إلى المراد حال وجود نكاح الحرة وبه نقول على أن من أصلنا ان التعليق بالشرط يقتضى وجود الحكم عند وجود الشرط ولكن لا يوجب انعدام الحكم عند انعدام الشرط لجواز أن يكون الحكم ثابتا قبل وجود الشرط لعلة أخرى وعلى هذا الأصل قال علماؤنا رحمهم الله تعالى يجوز للحر ان يتزوج أربعا من الإماء كما يجوز له أن يتزوج أربعا من الحرائر وعلى قول الشافعي رحمه الله تعالى ليس للحر ان يتزوج الا أمة واحدة لأن جواز نكاح الأمة للحر عنده لأجل الضرورة وهذه الضرورة ترتفع بالواحدة فلا يجوز له أن يتزوج أكثر منها كتناول الميتة لما كان حلها لأجل الضرورة لم يجز الا بقدر ما يسد به رمقه وعندنا نكاح الأمة للحر مباح مطلقا كنكاح الحرة فيجوز له ان يتزوج أربعا من الحرائر وعلى هذا يستوى عندنا ان كن مسلمات أو كتابيات وعند الشافعي رضي الله عنه لا يجوز نكاح الأمة الكتابية للمسلمين لان الضرورة ترتفع عنه بنكاح الأمة المسلمة فلا يجوز له نكاح الأمة الكتابية أصلا فان الكتابية تكون في ملك الكافر عادة وتعريض ولده لرق المسلم أهون من تعريضه لرق الكافر واستدل بقوله تعالى والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب معناه من الحرائر فلما جوز نكاح الكتابية بشرط أن تكون حره فإذا كانت أمة لم تدخل تحت النص وإنما دخلت تحت قوله ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولان كفرها يغلظ ببعض آثاره وهو الرق فلا يجوز نكاحها أصلا كالمجوسية وحجتنا في ذلك ما بينا ان الأمة الكتابية محللة للمسلم بملك اليمين فكذلك بملك النكاح كالمسلمة وهذا لان ما لا يحل بملك النكاح لا يحل بملك اليمين
(١١٠)