الشهود ليس بشرط في النكاح إنما الشرط الاعلان حتى لو أعلنوا بحضرة الصبيان والمجانين صح النكاح ولو أمر الشاهدين بأن لا يظهرا العقد لا يصح وحجتهم في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم أعلنوا النكاح ولو بالدف وحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم املاك رجل من الأنصار فقال أين شاهدكم فأتى بالدف فأمر بان يضرب على رأس الرجل وكان لعائشة رضي الله عنها دف تعيره للأنكحة وهذا لان حرام هذا الفعل لا يكون الا سرا فالحلال لا يكون الا ضده وذلك بالاعلان لننتفي التهم وحجتنا في ذلك الحديث الذي رويناه ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كل نكاح لم يحضره أربعة فهو سفاح خاطب وولي وشاهدان وقال عمر رضي الله عنه لا أوتي برجل تزوج امرأة بشهادة رجل واحد الا رجمته ولان الشرط لما كان هو الاظهار يعتبر فيه ما هو طريق الظهور شرعا وذلك شهادة الشاهدين فإنه مع شهادتهما لا يبقى سرا قال القائل وسرك ما كان عند امرئ * وسر الثلاثة غير الخفي ولان اشتراط زيادة شئ في هذا العقد لاظهار خطر البضع فهو نظير اشتراط زيادة شئ في اثبات إتلاف ما يملك بالنكاح وإنما اختص ذلك من بين سائر نظائره بزيادة شاهدين فكذلك هذا التمليك مختص من بين سائر نظائره بزيادة شاهدين ثم الأصل عندنا ان كل من يصلح أن يكون قابلا للعقد بنفسه ينعقد النكاح بشهادته وكل من يصلح أن يكون وليا في نكاح يصلح أن يكون شاهدا في ذلك النكاح وعلى هذا الأصل قلنا ينعقد النكاح بشهادة الفاسقين ولا ينعقد عند الشافعي رحمه الله تعالى لقوله صلى الله عليه وسلم لا نكاح الا بولي وشاهدي عدل ولكنا نقول ذكر العدالة في هذا الحديث والشهادة مطلقة فيما روينا فنحن نعمل بالمطلق والمقيد جميعا مع أنه نكر ذكر العدالة في موضع الاثبات فيقتضى عدالة ما وذلك من حيث الاعتقاد وفي الحقيقة المسألة تنبني على أن الفاسق من أهل الشهادة عندنا وإنما لا تقبل شهادته لتمكن تهمة الكذب وفي الحضور والسماع لا تمكن هذه التهمة فكان بمنزلة العدل وعند الشافعي رحمه الله تعالى الفاسق ليس من أهل الشهادة أصلا لنقصان حاله بسبب الفسق وهو ينبنى أيضا على أصل ان الفسق لا ينقص من ايمانه عندنا فان الايمان لا يزيد ولا ينقص والاعمال من شرائع الايمان لا من نفسه وعنده الشرائع من نفس الايمان ويزداد الايمان بالطاعة وينتقص بالمعصية بجعل نقصان الدين بسبب الفسق
(٣١)