المبسوط - السرخسي - ج ٥ - الصفحة ٢٧
لا يحتمل التجزي فيجعل كل واحد منهم كالمنفرد به كما في الأمان فان فيه ابطال حق الاستغنام والاسترقاق ثم صح من واحد من المسلمين في حق جماعتهم للمعنى الذي قلنا وهذا لان الاسقاط صحيح في حق المسقط بالاتفاق فإذا كان الحق واحدا وقد سقط في حق المسقط فمن ضرورته سقوطه في حق غيره لأنه لو لم يسقط في حق غيره لكان إذا استوفاه يصير حق الغير مستوفي أيضا وذلك لا يجوز ولأنه لما لم يبق بعد السقوط لا يتمكن الآخر من المطالبة به بخلاف الدين فإنه متجزئ في نفسه وبخلاف الرهن فانا لو نفينا حق الاخر لا يصير حق المسقط مستوفى وبه تبين ان الحق يتعدد هناك وكذلك في الشفعة وفي القصاص مالا يحتمل التجزي لا يبقى بعد عفو أحدهم وإنما يبقى ما يحتمل التجزي وهو الدية وبخلاف حد القذف فان ذلك لا يحتمل السقوط ولكن المصدق ينكر سبب الوجوب وهو احصان المقذوف وانكار سبب وجوب الشئ لا يكون اسقاطا له فوزانه مما نحن فيه أن لو ادعى أحد الأولياء ان الزوج كفؤ وأثبت الآخر انه ليس بكفء فيكون له ان يطلب التفريق واما إذا رضيت هي فلان الحق الثابت لها غير الحق الثابت للأولياء لان الثابت لها صيانة نفسها عن ذل الاستفراش وللأولياء صيانة نسبهم عن أن ينسب إليهم بالمصاهرة من لا يكافئهم وأحدهما غير الآخر فلم يكن اسقاط أحدهما موجبا سقوط الاخر الا ترى أنه قد يثبت الخيار لها في موضع لا يثبت للأولياء على ما نبينه في آخر الباب إن شاء الله تعالى ومتى فرق القاضي بينهما بعد الدخول لعدم الكفاءة حتى وجبت عليها العدة فلها نفقة العدة على الزوج لأنها كانت تستحق النفقة في أصل النكاح فيبقى ذلك ببقاء العدة وسكوت الولي عن المطالبة بالتفريق ليس برضى منه بالنكاح وان طال ذلك حتى تلد وله الخصومة ان شاء لان هذا حق ثابت له والسكوت ليس بمبطل للحق الثابت بصفة التأكد ولأنه يحتاج إلى الخصومة في المطالبة وقد لا يرغب الانسان بالخصومة في كل وقت فتأخيره إلى أن يتمكن منه لا يكون مبطلا حقه (قال) وإذا زوجها الولي غير كف ء ثم فارقها ثم تزوجت به بغير ولي كان للولي ان يفرق بينهما لأن العقد الثاني غير الأول ورضاه بالعقد الأول بينهما لا يكون رضا بالعقد الآخر كما أن رضاه برجل لا يكافئها لا يكون رضا برجل آخر إذا زوجت نفسها منه بعد ذلك (قال) وإذا تزوجت المرأة غير كف ء ثم جاء الولي فقبض مهرها وجهزها فهذا منه رضا بالنكاح لان قبض المهر تقرير لحكم العقد فيتضمن ذلك الرضا بالعقد ضرورة
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست