المبسوط - السرخسي - ج ٥ - الصفحة ١٥٥
منهما فاما أن يكون بيان السابق منهما إلى الزوج لأنه أعرف الناس بها ولأنه صاحب الملك واما أن يقال تصديقه إحداهما يرجح بينتها فإذا ظهر الرجحان في بينة إحداهما قضى بنكاحها واندفعت بينة الأخرى ولا مهر لها عليه إن لم يدخل بها فان جحد الزوج ذلك كله وقال لم أتزوج واحدة منهما أو قال تزوجتهما جميعا ولا أدرى أيتهما الأولى فهو سواء ويفرق بينه وبينهما لان العمل بالبينتين غير ممكن فلا ترجيح لإحداهما فتعين التفريق بينه وبينهما وعليه نصف المهر بينهما ان كأن لم يدخل بهما من قبل أنه كان يقدر على أن يبين فإذا تجاهل في ذلك لم يبرأ من المهر ومعنى هذا الكلام أن نكاح إحداهما صحيح بدليل أنه لو بين الزوج أن هذه هي الأولى حكمنا بصحة نكاحها فإذا أبى أن يبين كان ذلك منه بمنزلة اكتساب سبب الفرقة بينه وبين التي صح نكاحها قبل الدخول فيلزمه نصف المهر وليست إحداهما بأولى من الأخرى فلهذا كان نصف المهر بينهما ومن أصحابنا رحمهم الله تعالى من قال جمع في السؤال بين فصلين وأجاب عن أحدهما فان هذا الجواب عما إذا قال تزوجتهما جميعا ولا أدرى أيتهما الأولى أما إذا قال لم أتزوج واحدة منهما ينبغي أن لا يجب عليه شئ من المهر لان العمل بالبينتين تعذر للتعارض وهو منكر ولا يجب المهر الا بحجة والأصح ان هذا جواب الفصلين لان المعارضة بين البينتين في حكم الحل دون المهر ألا ترى ان البينتين لو قامتا بعد موت الزوج عمل بهما في حق المهر والميراث فإذا لم يكن تعذر العمل والمعارضة في حكم المهر وجب نصف المهر في حق الزوج وليست إحداهما بأولى من الأخرى فكان بينهما وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في الأمالي قال لا شئ عليه لان المقضى له بالمهر منهما مجهول وجهالة المقضى له تمنع صحة القضاء وعند محمد رحمه الله تعالى أنه قال يقضى بجميع المهر لان النكاح لم يرتفع بحجوده فيقضى بمهر كامل للتي صح نكاحها (قال) وإن كان دخل بإحداهما كان لها المهر وهي امرأته لترجح جانبها بالدخول فان البينتين إذا تعارضتا على العقد تترجح إحداهما بالقبض كما لو ادعى رجلان تلقى الملك في عين من ثالث بالشراء وأحدهما قابض وأقاما البينة كانت بينة صاحب اليد أولى ولان فعل المسلم محمول على الصحة والحل ما أمكن والامكان ثابت هنا بأن يجعل نكاح التي دخل بها سابقا فان قال الزوج هي الأخيرة وتلك الأولى فرق بينه وبينها لإقراره بحرمتها عليه وكان ذلك بمنزلة اكتساب سبب الفرقة بعد الدخول
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست