المبسوط - السرخسي - ج ٥ - الصفحة ١٥٩
فوجب العقر وقيمة الولد لها كما هو الحكم في المغرور وهي بالكتابة صارت أحق باجزائها ومنافعها فما هو بدل جزء منها فهو لها ثم يرجع الأب بقيمة الولد على الذي غره إن كان رجل حر غره بأن زوجها منه على أنها حرة فإن كانت المكاتبة هي التي غرته بأن زوجت نفسها منه على أنها حرة فلا شئ لها عليه من قيمة الولد في قول أبى يوسف رحمه الله تعالى الأول لأنها لو رجعت عليه بقيمة الولد رجع هو عليها بذلك بسبب الغرور فلا يكون مفيدا ثم رجع فقال لها أن تأخذ قيمة الولد وهو قول محمد رحمه الله تعالى لان رجوعه عليها بعد العتق فان ضمان الغرور بمنزلة ضمان الكفالة فيتأخر إلى ما بعد عتقها والقيمة لها عليه في الحال فكان الرجوع مفيدا وان مات مولاها وهي مكاتبة على حالها فورثه أب الولد خيرت بين أن تبطل الكتابة وبين أن تمضى عليها لأنها ان أبطلت الكتابة صارت مملوكة لأب الولد بالميراث ولها منه ولد ثابت النسب فتصير أم ولد له فقد تلقاها جهتا حرية إحداهما مؤجلة بغير بدل وهو الاستيلاد والأخرى معجلة ببدل وهو الكتابة فان مضت على الكتابة فعتقت بالأداء فإنما عتقت على ملك المولى الأول وكان ولاؤها له وان مات أب الولد قبل أن تؤدى عتقت وبطلت عنها المكاتبة لأنها بمنزلة أم الولد فتعتق بموت السيد فان قيل هو لم يملك رقبتها إذا اختارت المضي على الكتابة (قلنا) نعم ولكنه صار أحق الناس بها حتى لو أعتقها نفذ عتقه فكذلك إذا مات لان عتق أم الولد متعلق بموت المولى شرعا على أن يصير المولى كالمعتق لها ولأنها إنما اختارت الكتابة لما في في العتق بجهة الاستيلاد من التأخير فإذا تعجل ذلك بموت المولى فالظاهر أنها تختار هذه الجهة فإذا عتقت سقط عنها بدل الكتابة إما لانفساخ العقد برضاها أو لوقوع الاستغناء لها عن أداء البدل وهو بمنزلة ما لو وهب لها المكاتبة ومعنى هذا أن حق المستولد فيها إلى موته فبالموت يصير مسقطا حقه فكأنه أبرأها عن بدل الكتابة والوارث إذا كان واحدا فابراء المكاتب عن المكاتبة يصح ابراؤه ويعتق ولهذا لو كان معه شريك في الميراث سعت في مكاتبتها على حالها لان ابراء أحد الوارثين عن نصيبه من بدل الكتابة لا يوجب عتق شئ منها وإنما جعلناه كالمبرئ لتعتق فإذا كانت لا تعتق هنا لم يكن مبرئا ولأنه لم يسلم لها العتق مجانا في الحال فبقيت على اختيارها الأول وهو المضي على الكتابة فلهذا سعت في مكاتبتها وكان الولاء للأول إذا أدت ألا ترى ان المكاتب إذا ورثه رجلان فاعتقه أحدهما كان عتقه باطلا ولو كانت
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست