بالنكول لأنه يندرئ بالشبهات وإنما يثبت بالنكول ما يثبت بالابدال من الحجج نحو كتاب القاضي إلى القاضي والشهادة على الشهادة وهذه الحقوق تثبت بذلك فكذلك بالنكول لأنه بدل عن الاقرار وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول هذه الحقوق لا يجزي فيها البدل فلا يقضي فيها بالنكول كالقصاص في النفس وبيان الوصف ظاهر فان المرأة لو قالت لا نكاح بيني وبينك ولكن بذلت لك نفسي لا يعمل بذلها وكذلك لو قال لست بابن لك ولا مولى ولكن أبذل لك نفسي أو قال أنا حر الأصل ولكن أبذل لك نفسي لتسترقني لا يعمل بذله أصلا بخلاف المال فإنه لو قال هذا المال ليس لك ولكن أبذله لك لأتخلص من خصومتك كان بذله صحيحا وتأثيره ان النكول بمنزلة البذل لا بمنزلة الاقرار فانا لو جعلناه بذلا يتوصل المدعى إلى حقه مع بقاء المدعى عليه محقا في انكاره وإذا جعلناه اقرارا يجعل المدعى عليه مبطلا في انكاره وذلك لا يجوز الا بحجة ولان النكول سكوت فهو إلى ترك المنازعة أقرب منه إلى الاقرار فإنما يثبت به أدنى ما يثبت بترك المنازعة وهو البذل فرق أبو حنيفة رحمه الله تعالى بين هذا وبين القصاص في النفس فان هناك يستحلف وان كأن لا يقضي بالنكول لان اليمين في النفس مقصودة لعظم أمر الدم الا ترى ان الايمان في القسامة شرعت مكررة وفي هذه المسائل اليمين ليست بحق له مقصودا وإنما المقصود منه القضاء بالنكول فإذا لم يجز القضاء بالنكول لا حاجة إلى الاستحلاف لكونه غير مفيد وبان كان يثبت بالابدال من الحجج فذلك لا يدل على أنه يستحلف فيه كتصديق المقذوف القاذف يثبت بالابدال من الحجج ولا يجري فيه الاستحلاف (قال) وإن كان الزوج قد دخل بها ثم قالت لم أرض لم تصدق على ذلك لان تمكينها الزوج من نفسها أدل على الرضا من سكوتها إلا أن يكون دخل بها وهي مكرهة فحينئذ القول قولها لظهور دليل السخط منها دون دليل الرضا ولا يقبل عليها قول وليها بالرضا لأنه يقر عليها بثبوت الملك للزوج واقراره عليها بالنكاح بعد بلوغها غير صحيح بالاتفاق وهذا لأنه لا يملك إلزام العقد عليها فلا يعتبر اقراره في لزوم العقد عليها أيضا (قال) وإذا زوج ابنه الكبير فبلغه فسكت لم يكن رضا حتى يرضى بالكلام أو بفعل يكون دليل الرضا لان في حق الأنثى السكوت جعل رضا لعلة الحياء وذلك لا يوجد في الغلام فإنه لا يستحي من الرغبة في النساء ولان السكوت من البكر محبوب في الناس عادة وفي حق الغلام السكوت مذموم لأنه دليل على التخنث فلهذا لا يقام سكوته مقام رضاه
(٦)