المبسوط - السرخسي - ج ٥ - الصفحة ٢٣
ولم ير نفسه كفؤا للعرب وحجته في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم الناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على عجمي إنما الفضل بالتقوى وهذا الحديث يؤيده قوله تعالى ان أكرمكم عند الله اتقاكم وقال صلى الله عليه وسلم كلكم بنو آدم طف للصاع لم يملا وقال الناس كابل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة واحدة فهذه الآثار تدل على المساواة وان التفاضل بالعمل ومن أبطا به عمله لم يسرع به نسبه وخطب أبو طيبة امرأة من بني بياضة فأبوا ان يزوجوه فقال صلى الله عليه وسلم زوجوا أبا طيبة الا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير فقالوا نعم وكرامة وخطب بلال رضي الله عنه إلى قوم من العرب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قل لهم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم ان تزوجوني وان سلمان خطب بنت عمر رضي الله عنه فهم ان يزوجها منه ثم لم يتفق ذلك وحجتنا في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم قريش بعضهم أكفاء لبعض بطن ببطن والعرب بعضهم أكفاء لبعض قبيلة بقبيلة والموالي بعضهم أكفاء لبعض رجل برجل وفي حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا لا يزوج النساء الا الأولياء ولا يزوجن الا من الأكفاء وما زالت الكفاءة مطلوبة فيما بين العرب حتى في القتال بيانه في قصة الثلاثة الذين خرجوا يوم بدر للبراز عتبة وشيبة والوليد فخرج إليهم ثلاثة من فتيان الأنصار فقالوا لهم انتسبوا فانتسبوا فقالوا أبناء قوم كرام ولكنا نريد أكفاءنا من قريش فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بذلك فقال صلى الله عليه وسلم صدقوا وأمر حمزة وعليا وعبيدة بن الحارث رضوان الله عليهم أجمعين بأن يخرجوا إليهم فلما لم ينكر عليهم طلب الكفاءة في القتال ففي النكاح أولى وهذا لان النكاح يعقد للعمر ويشتمل على أغراض ومقاصد من الصحبة والألفة والعشرة وتأسيس القرابات وذلك لا يتم الا بين الأكفاء وفي أصل الملك على المرأة نوع ذلة واليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النكاح رق فلينظر أحدكم أين يضع كريمته واذلال النفس حرام قال صلى الله عليه وسلم ليس للمؤمن أن يذل نفسه وإنما جوز ما جوز منه لأجل الضرورة وفي استفراش من لا يكافئها زيادة الذل ولا ضرورة في هذه الزيادة فلهذا اعتبرت الكفاءة والمراد من الآثار التي رواها في أحكام الآخرة وبه نقول إن التفاضل في الآخرة بالتقوى وتأويل الحديث الآخر الندب إلى التواضع وترك طلب الكفاءة لا الالزام وبه نقول إن عند الرضا يجوز العقد ويحكي عن
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست