بفرض الوقت ولو بدأ بالفائتة أجزأه إذا كان الوقت قابلا للفائتة وعند سعة الوقت عليه أن يبدأ بالفائتة ولو بدأ بفرض الوقت لم يجزه لان عند ضيق الوقت النهى عن البداءة بالفائتة لم يكن لمعنى فيها بل لما فيه من تفويت فرض الوقت ألا ترى أنه كما ينهى عن البداءة بالفائتة ينهي عن الاشتغال بالتطول والنهى متى كان لمعنى في غير المنهي عنه لا يكون مفسدا كالنهي عن الصلاة في الأرض المغصوبة وعند سعة الوقت النهى عن البداءة بفرض الوقت لمعنى فيها بدليل انه لا ينهى عن الاشتغال بالتطوع في هذه الحالة والنهى متى كان لمعنى في المنهى عنه كان مفسدا له فان افتتح العصر في آخر وقتها وهو ناس للظهر فصلى منها ركعة ثم احمرت الشمس ثم تذكر أن الظهر عليه فإنه يمضى في صلاته لان تذكر الظهر في هذا الوقت لا يمنع افتتاح العصر فلا يمنع المضي فيها بطريق الأولى وهذا لأنه لو قطعها واشتغل بالظهر لم يجز له أداء الظهر ففيه تفويت الصلاتين عن الوقت فكان تذكر الظهر وجودا وعدما بمنزلة (قال) وهي تامة يعنى من حيث الجواز لا من حيث الاستحباب فان أداء العصر في هذا الوقت مكروه على ما قال ابن مسعود رضى الله تعالى عنه ما أحب أن يكون لي صلاة حين تحمر الشمس بفلسين وإن كان قد افتتح العصر لأول وقتها وهو ذاكر للظهر فصلى منها ركعة ثم احمرت الشمس فإنه يقطع الصلاة لأنه ما صح شروعه في العصر في أول وقتها مع ذكره للظهر والبناء على الفاسد غير ممكن فعليه أن يقطع صلاته ثم يستقبل العصر وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى لان عندهما صار شارعا في التطوع ولكن أداء التطوع بعد ما احمرت الشمس منهى عنه وأداء عصر اليوم مأمور به في هذا الوقت فعليه أن يقطع المنهى عنه ويشتغل بالمأمور به وعلى قول محمد رحمه الله تعالى هو غير شارع في الصلاة أصلا فعليه أن يستقبل العصر وان افتتح العصر والشمس حمراء وهو ذاكر للظهر فإنه يجزئه لأن هذه ساعة لا يجوز فيها أداء الظهر ولا غيرها من الصلاة سوى عصر اليوم فعليه أن يشتغل بما يكون الوقت قابلا له ولان في تأخير العصر عن هذا الوقت تفويتها لان تأخير العبادة المؤقتة عن وقتها يكون تفويتا لأدائها وذلك لا يجوز ولو اشتغل بالفائتة كان متداركا لما فوت بتفويت مثله وذلك لا يليق بالحكمة فان غربت الشمس وهو في العصر فإنه يتمها وطعن عيسى في هذا وقال الصحيح أنه يقطعها بعد غروب الشمس ثم يبدأ بالظهر ثم
(٨٨)