فكذلك وإن كان رجوعه بغير قضاء القاضي فعلى الموهوب له زكاة تلك السنة وقال سفيان الثوري رضي الله عنه ليس للواهب أن يرجع في مقدار الزكاة لأنها صارت مستحقة للفقراء وتعلق حق الفقراء بالموهوب يمنع الواهب من الرجوع كما لو جعله الموهوب له مرهونا.
وجه قول زفر رحمه الله تعالى أن الرجوع إذا كان بغير قضاء فالموهوب له أزال ملكه باختياره بعد وجوب الزكاة فيضمن الزكاة كما لو وهبه ابتداء ألا ترى أنه لو كان في مرضه كان معتبرا من ثلث ماله. وجه قولنا أن حق الواهب مقصور على العين وفى مثله القضاء وغير القضاء سواء لأنهما فعلا بدون القاضي عين ما يأمر به القاضي لو رفعا الامر إليه والموهوب له نظر لنفسه حين لم ير في الخصومة فائدة فلم يكن متلفا حق الفقراء وإن كان في مرضه ففيه روايتان كلاهما في كتاب الهبة والأصح أنه يعتبر من جميع ماله سواء رجع بقضاء أو بغير قضاء (قال) وإذا أخرجت الأرض العشرية طعاما فباعه قبل أن يؤدى عشره فجاء العاشر والطعام عند المشترى فإن شاء أخذ عشر الطعام من المشترى ورجع المشترى على البائع بعشر الثمن وان شاء أخذه من البائع لان على أحد الطريقين الحب ينبت على الحقين عشره للفقراء وتسعة أعشاره للمالك فلم ينفذ بيعه في مقدار العشر فكان للمصدق أن يأخذ العشر من المشترى قبل الافتراق وبعد الافتراق بخلاف زكاة السائمة. وعلى الطريق الثاني يجب إيتاء العشر إلى الفقراء من غير اعتبار حال من يجب عليه فكان العين هو المقصود فلا يبطل الحق عنه بالبيع بخلاف الزكاة فان الفعل هو المقصود فيه بدليل اعتبار حال من يجب عليه وان شاء أخذ من البائع لا تلافه محل حق الفقراء (قال) وإذا باع الأرض وفيها زرع قد أدرك فعشر الزرع على البائع لان حق الفقراء قد ثبت في الزرع وهو ملك البائع عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى بنفس الخروج كما قال الله تعالى ومما خرجنا لكم من الأرض وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى بالادراك قال الله تعالى وآتوا حقه يوم حصاده وعند محمد رحمه الله تعالى بالاستحكام وذلك كله حصل في ملك البائع وهو نماء أرضه فوجب عليه عشره واما المشترى فقد استحقه عوضا عما أعطى من الثمن فلا شئ عليه فان باعها والزرع بقل فعشره على المشترى إذا حصده بعد الادراك لان وجوب العشر في الحب وانعقاده كان في ملك المشتري وهو نماء أرضه وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى عشر مقدار البقل على البائع لان ذلك القدر من النماء حصل في ملكه اما عشر الحب فعلى المشترى وكذلك أن باع الزرع وهو