العصر وكذلك لو صلى الظهر ثم جدد الوضوء ثم صلى العصر ثم تبين أنه صلى الظهر بغير وضوء لم يجزه العصر فثبت أن من شرط صحة العصر تقديم الظهر عليه والاحرام بالحج شرط لأداء العصر فيشترط لأداء الظهر أيضا كالخطبة يوم الجمعة فإنه لما كان من شرط صحة الجمعة تقدم الخطبة والسلطان شرط لإقامة الجمعة كان شرطا لإقامة الخطبة أيضا. يوضحه أن الجمع بين الصلاتين للحاجة إلى امتداد الوقوف وإنما يحتاج إلى ذلك المحرم بالحج فيشترط الاحرام بالحج لهذا الجمع ثم الجمع إنما يحصل بهما جميعا فيشترط الاحرام فيهما. ولو أن أمير الموسم جمع بمكة وهو مسافر جاز لأنه فوض إليه أمر المسلمين فلا يكون هو دون القاضي وصاحب الشرط في إقامة الجمعة بمكة ولو صلى بهم بمنى لم يجزهم لأنه مسافر أمر بإقامة المناسك ومن أمر بإقامة الجمعة وحقيقة الفرق أن مكة مصر وأهلها يحتاجون إلى إقامة الجمعة فمن كان ذا سلطان فهو يملك إقامة الجمعة مسافرا كان أو مقيما وأما أهل منى فلا يحتاجون إلى إقامة الجمعة لأنه ليس عليهم ذلك فلا يكون لأمير الموسم أن يقيم الجمعة بمنى فإن كان أمير مكة أو أمير الحجاز أو الخليفة حج بنفسه ففي إقامة الجمعة له بمنى خلاف قد بيناه في كتاب الصلاة . فان صلى الظهر والعصر بعرفات ولم يخطب أجزأه لأن هذه خطبة وعظ وتذكير وتعليم لبعض ما يحتاج إليه في ذلك الوقت فتركه لا يمنع جواز الصلاة كالخطبة في صلاة العيد بخلاف الخطبة في الجمعة فإنه بمنزلة شطر الصلاة على ما قال ابن عمر رضي الله عنه وإنما قصرت الجمعة لمكان الخطبة ثم ينبغي للامام أن يخطب في الحج ثلاث خطب خطبة قبل يوم التروية بيوم يخطبها بمكة بعد الظهر وخطبة بعرفات بعد زوال الشمس يوم عرفة قبل صلاة الظهر وخطبة في اليوم الثاني من أيام النحر وهو يوم القر كما روى في حديث عبد الله بن قرظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أفضل الأيام عند الله تعالى يوم النحر ثم يوم القر يريد اليوم الثاني من أيام النحر سمى بهذا الاسم لان الحاج يقرون فيه بمنى وهذه الخطبة بعد الظهر وقال زفر رحمه الله تعالى يخطب ثلاث خطب خطبة يوم التروية وخطبة يوم عرفة وخطبة يوم النحر وما قلناه أحسن لان في يوم التروية هم يخرجون من مكة إلى منى فلا يتفرغون لسماع الخطبة فينبغي أن يخطب قبل التروية بيوم يعلمهم في هذه الخطبة الخروج من مكة إلى منى ثم من منى إلى عرفات ثم يخطب يوم عرفة يعلمهم في هذه الخطبة كيفية الوقوف بعرفات والإفاضة إلى المزدلفة والوقوف بالمزدلفة والرمي والذبح
(١٣٠)