فعلى قول محمد رحمه الله تعالى لا تكون أيام أقرائها حيضا أيضا لأنه لا يرى ختم الحيض بالطهر وقد بينا هذا في كتاب الحيض. والنفساء إذا ولدت فرأت الدم خمسة عشر يوما ثم انقطع خمسة عشرة يوما ثم رأته في تمام أربعين يوما فهذا كله نفاس عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لان الأربعين للنفاس بمنزلة العشرة للحيض فكما أن من أصله ان الطهر المتخلل بين الدمين في مدة العشرة لا يصير فاصلا فكذلك الطهر المتخلل بين الدمين في مدة الأربعين لا يكون فاصلا في النفاس وعندهما نفاسها خمسة عشر يوما لان الطهر خمسة عشر كما يصلح للفصل بين الحيضين يصلح للفصل بين الحيض والنفاس. وان رأت الدم أكثر من أربعين يوما فهي مستحاضة في الزيادة على الأربعين إذا كانت مبتدأة في النفاس وان كانت صاحبة عادة فهي مستحاضة في الزيادة على أيام عادتها المعروفة لان الأربعين أكثر مدة النفاس كما أن العشرة أكثر مدة الحيض وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المستحاضة تدع الصلاة في أيام أقرائها. ولو أن امرأة ولدت في غرة شهر رمضان فصامت رمضان كله ثم جاءت بولد بعد رمضان بخمسة أشهر ونصف فإنها تقضى صوم خمسة عشر يوما وصلاة خمسة عشر يوما إذا كانت اغتسلت في غرة شوال لان أدنى مدة الحمل ستة أشهر فقد تيقنا انها حبلت في النصف من رمضان والحامل كما لا تحيض لا تكون نفساء فان النفاس أخو الحيض فإذا تيقنا بخروجها من النفاس في النصف من شهر رمضان جاز صومها في النصف الآخر فعليها قضاء النصف الأول وهو خمسة عشر يوما وهي لم تصل في النصف الأخير من رمضان بعد ما حكمنا بطهرها فعليها قضاء خمسة عشر يوما فإن كانت اغتسلت يوم الفطر وصامت شوال وصلت ثم جاءت بولد لخمسة أشهر ونصف بعد ذلك فإنما تقضى يوما واحدا وهو يوم الفطر لأنه لا يجوز صومها فيه من القضاء وعليها قضاء صلاة خمسة عشر يوما لأنا حكمنا بطهرها حين حملت وقد أخرت الاغتسال بعد ذلك خمسة عشر يوما فعليها قضاء تلك الصلوات . والعجوز الكبيرة إذا رأت الدم كانت حائضا في ظاهر الرواية وكان محمد بن مقاتل رحمه الله تعالى يقول بعد ما حكم بإياسها إذا رأت الدم لا يكون ذلك حيضا لان ذلك مستنكر مرئي في غير وقته فلا يكون حيضا بمنزلة ما تراه الصغيرة جدا وجه ظاهر الرواية أن مبنى الحيض على الامكان وفيما رأته العجوز امكان جعله حيضا ثابت بخلاف ما تراه الصغيرة جدا فإنه ليس فيه امكان جعله حيضا لأنه إذا جعل ذلك حيضا فلا بد من أن يحكم ببلوغها
(١٤١)