بالتوقف ينبنى على الأهلية للفرض وهو ليس باهل له بخلاف الذي عجل الزكاة لأنه أهل للفرض وإنما أدى بعد كمال سبب الوجوب. وهذه هي المسألة التي سمعها محمد رحمه الله تعالى من أبي حنيفة رضي الله عنه أولا على ما يحكى عنه انه كان من أولاد بعض الأغنياء فمر يوما ببني حرام ووقف عند باب المسجد يسمع كلام أبي حنيفة رضي الله عنه كما يفعله الصبيان وكان هو يعلم أصحابه هذه المسألة وكان محمد رحمه الله تعالى قد ابتلى بها في تلك الليلة فدخل المسجد وأعاد العشاء فدعاه أبو حنيفة رضي الله عنه وقال ما هذه الصلاة التي صليتها فأخبره بما ابتلى به فقال يا غلام الزم مجلسنا فإنك تفلح فتفرس فيه خيرا حين رآه عمل بما تعلم من ساعته. ولو لم ينتبه حتى طلع الفجر الثاني فقد قال بعض مشايخنا لا قضاء عليه لأنه لم يصر مخاطبا في وقت العشاء فإنه كان في أول الوقت صبيا وفى آخر الوقت نائما والنوم يمنع توجه الخطاب عليه ابتداء واستدلوا بظاهر لفظ الكتاب فإنه شرط الانتباه قبل ذهاب الوقت والأصح انه يلزمه القضاء لان النوم يمنع توجه خطاب الأداء ولكن لا يمنع الوجوب ألا ترى ان من بقي نائما وقت صلاة أو صلاتين كان عليه القضاء إذا انتبه وقد جعل النائم كالمنتبه في بعض الأحكام خصوصا على أصل أبي حنيفة رحمه الله تعالى فيلزمه القضاء إذا علم أنه احتلم قبل طلوع الفجر وإن لم يعلم ذلك بان انتبه في آخر وقت الفجر وهو يتذكر الاحتلام ويرى الأثر ولا يدرى متى احتلم فحينئذ لا يلزمه قضاء العشاء لان الاحتلام حادث فإنما يحال حدوثه على أقرب الأوقات. ولو أن مسلما صلى الظهر ثم ارتد والعياذ بالله تعالى ثم أسلم في وقت الظهر كان عليه ان يعيدها عندنا خلافا للشافعي رضي الله عنه وهو بناء على الأصل الذي بينا في كتاب الصلاة ان عنده مجرد الردة لا يحبط عمله ما لم يمت عليها قال الله تعالى ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر الآية وعندنا بنفس الردة قد حبط عمله قال الله تعالى ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله والتحق بالكافر الأصلي الذي أسلم الآن فيلزمه فرض الوقت لأنه أدرك جزأ منه وعلى هذا الأصل لو حج حجة الاسلام ثم ارتد ثم أسلم فعليه حجة الاسلام عندنا وعند الشافعي رضي الله عنه لا يلزمه ذلك. ولو صلى الظهر في منزله ثم جاء وهو ناس انه قد صلى فدخل مع الامام ينوى الظهر ثم ذكر أنه قد صلاها فأفسدها لم يكن عليه قضاؤها الا على قول زفر رحمه الله تعالى لأنه شرع فيها على ظن أنها عليه فان رعف الامام واستخلف هذا الرجل فصلاتهم جميعا فاسدة لأنه متنفل
(٩٦)