قوله: (وأما شهادة الكافر على المسلم فلا تجوز مطلقا) أي سواء كان بينهما عداوة أم لا لعدم العدالة.
قوله: (وليخبر بها) يعني أن القاضي إذا قال للشاهد أد الشهادة فيجب عليه بعد أن يؤديها أن يخبر بالعداوة التي بينه وبين المشهود عليه ليسلم من التدليس وهذا هو سماع عيسى عن ابن القاسم وسمع سحنون عنه أن الشاهد لا يخبر بها، قال ابن رشد وهو أصح القولين وانظر كيف اعتبر المصنف سماع عيسى عن ابن القاسم وترك سماع سحنون عنه مع أن القاعدة تقديم سماع سحنون عن ابن القاسم على سماع غيره عنه خصوصا وقد قال ابن رشد أنه أصح القولين. قوله: (ومثل العداوة القرابة) أي للمشهود له إذا كانت أكيدة فيجري فيها الخلاف في وجوب بيانها بعد أداء الشهادة وعدم وجوب بيانها. قوله: (كقوله بعدها) أي وقبل الحكم، وأما لو قال ما ذكر على وجه الخصام بعد الحكم فلا ترد به الشهادة وانظر هل هو بمنزلة الرجوع عن الشهادة فيغرم ما أتلفه بشهادة أم لا. قوله: (تتهمني) الذي في الرواية كما في بن أتشتمني وتشبهني الخ. قوله: (مخاصما) أي منازعا له عند الحاكم أو لا كما هو الظاهر. قوله: (أي قاله حال كونه مخاصما) أشار بذلك إلى أن مخاصما حال من المضاف إليه وهو الهاء من قوله وفيه أنه ليس المراد أنه قال هذا الكلام في حال المخاصمة وإنما المراد أنه وقع منه ذلك على وجه الخصومة فالأولى جعله تمييزا أي كقوله على جهة الخصومة فيكون مفيدا لكون ذلك القول إنما صدر منه لأجل الخصومة.
قوله: (لا شاكيا) أي لا على جهة الشكاية للناس ما فعل به بأن يقول لهم انظر وما فعل معي وما قال في حقي أو ما كنت أظن أنه يقول ذلك ثم إنه إن قامت قرينة على تحقق الخصام أو على ظنه أو على تحقق الشكاية أو ظنها عمل بذلك وإن فقد ما ذكر من القرينة حمل على أنه غير مخاصم لأن الشك في المانع ملغى، واعلم أن ما ذكره المصنف من التفصيل قول أصبغ ولابن الماجشون تبطل شهادته بهذا القول من غير تفصيل قال لأنه أخبر أنه عدوه، ولو قال أدنى من هذا سقطت شهادته ابن رشد وقول ابن الماجشون أصوب.
قال المواق واختاره اللخمي قال إلا أن يكون مبرزا فكان على المصنف الاقتصار على ما صوبه ابن رشد واختاره اللخمي انظر بن. قوله: (مثال للعداوة) أي لان قوله ولا عدو معناه ولا من ظهرت عداوته ولو بقرينة كما هنا لان الخصام قرينة على العداوة. قوله: (أن يمثل بالأخفى) أي ويعلم منه الأجلى بطريق الأولى كمن أقر على نفسه بعداوة المشهود عليه هنا. قوله: (واعتمد في اعسار بصحبة وقرينة صبر ضر) أي واعتمد الشاهد في شهادته بتا وقطعا بإعسار مدين على غلبة الظن الحاصلة من طول صحبته للمدين ومن القرينة التي هي صبر المشهود له بالاعسار على الضر وما ذكره المصنف مبنى على أنه يكفي الشاهد في شهادته الاعتماد على الظن القوي الناشئ عن القرائن فيما يعسر فيه العلم وهي طريقة المازري والذي لابن رشد في المقدمات أنه يشترط في صحة شهادة غير السماع قطع الشاهد بالمشهود عليه مطلقا ولو فيما يعسر العلم به عادة فلا تصح شهادة الشاهد بشئ إلا إذا كان يعلمه ويقطع بمعرفته لا بما يغلب على الظن معرفته بالقرائن، وطريقة المازري مشى عليها ابن شاس وابن الحاجب وهذا الظن الناشئ عن القرائن إنما هو كاف بالنسبة لجزم الشاهد بالمشهود به عند أداء الشهادة لا بالنسبة لتأدية الشهادة إذ لو صرح في أداء الشهادة بالظن لم تقبل لان الشهادة لا تقبل إلا إذا أديت على وجه البت والجزم بأن يصرح بذلك، ولعل هذا مراد ابن رشد فتنتفي الطريقتان ويرجعان لشئ واحد انظر بن. قوله: (أن يعتمد في شهادته على غلبة الظن) أي أن يعتمد عليه في نفسه وإن كان لا يشهد إلا على البت والقطع فلو صرح في أداء شهادته بالظن لم تقبل فهو نظير واعتمد البات على ظن قوي وقيل: يجوز تأديتها بالتصريح بالظن القوي أيضا كما ذكره شيخنا. قوله: (فإنه يعتمد في شهادته بذلك على الصحبة) أي على غلبة الظن الحاصلة من طول الصحبة لهما أو لأحدهما ومن قرائن الأحوال.