الشاهد الحاكم وقوله عن علم أي إخبارا ناشئا عن علم لا عن ظن أو شك وهذا التعريف هو معنى قول بعضهم الشهادة إخبار بما حصل فيه الترافع وقصد به القضاء وبت الحكم، وأما الرواية فهي إخبار بما لم يحصل فيه الترافع ولم يقصد به فصل القضاء وبت الحكم بل قصد به مجرد عزوه لقائله بحيث لو رجع عنه رجع الراوي، وهل يشترط في تأدية الشهادة لفظ أشهد بخصوصه أو لا يشترط؟ قولان والأظهر منهما عدم الاشتراط وإنما المدار فيها على ما يدل على حصول علم الشاهد بما شهد به كرأيت كذا وسمعت كذا أو أتحقق أن لهذا عند هذا كذا فلا يشترط لأدائها صيغة معينة. قوله: (في عرف الفقهاء) أي لا في عرف المحدثين لان العدل عندهم يكون عبد أو امرأة وأشار بقوله أي حقيقته إلى أن أل في العدل للحقيقة ويصح أن تكون للعهد الذكرى المتقدم في قوله أهل القضاء عدل لان العدالة المطلوبة في القاضي هي المطلوبة في الشاهد. قوله: (حر) أي ولو عتيقا لكن إن شهد لمعتقه فله شرط آخر وهو التبريز وقوله حال الأداء أي لا حال التحمل إذ يصح تحمل الرقيق للشهادة ويؤديها بعد عتقه.
قوله: (مسلم) أي حال الأداء لا حال التحمل فيصح تحملها وهو كافر وأداؤها وهو مسلم وقوله ولو على مثله أي خلافا لأبي حنيفة المجوز لشهادة الكافر على مثله. قوله: (ولو تحمل صبيا) فإذا تحمل البالغ الشهادة في حال صباه وأداها بعد بلوغه فإنها صحيحة وقوله إن كان ضابطا أي حيث تحملها وهو صغير.
تنبيه: لا يشترط في صحة الشهادة عدم الاكراه فمن تحمل الشهادة وحلف بالطلاق أنه لا يؤديها فأكره على أدائها إكراها حراما فأداها وهو بالغ عاقل كانت صحيحة ولذا عدل المصنف عن التعبير بمكلف لقوله بالغ عاقل إذ لو عبر بمكلف لاقتضى عدم صحتها لان المكره غير مكلف كذا في عبق والمج.
وفي بن الحق عدم قبول شهادة المكره لأنه قد يؤدي بخلاف ما يعلم فالاكراه يمنع الثقة بشهادته.
قوله: (بلا فسق) أي ملتبس بثبوت عدم الفسق من ملابسة الموصوف لصفته فهو في قوة المعدولة المحمول فيفيد أن مجهول الحال لا تصح شهادته لان الأصل في الناس الجرحة ولم يثبت عدم فسقه لا في قوة السالبة وأن المعنى وأن يكون غير ثابت الفسق وإلا لأفاد صحة شهادة مجهول الحال لأنه غير ثابت الفسق وإنما قيد بقوله بجارحة لأنه سيأتي للمصنف الكلام في الفاسق بالاعتقاد. قوله: (وبلا حجر لسفه) إنما قيد بقوله لسفه للاحتراز عن الحجر للزوجية والمرض والفلس فإنه لا يمنع شهادتهم.
قوله: (فلا تصح من فاسق ولا مجهول حال) أي لان كلا منهما ليس ملتبسا بثبوت عدم الفسق لان الأول ملتبس بالفسق والثاني ملتبس بعدم ثبوت الفسق لا بثبوت عدمه الذي هو مشترط. قوله: (ولا من سفيه محجور عليه) أي وأما السفيه غير المحجور عليه فشهادته صحيحة. قوله: (وبلا بدعة) أي وملتبس بعدم البدعة فلا تصح شهادة البدعي، كالقدري القائل بتأثير القدرة الحادثة، والخارجي الذي يكفر بالذنب هذا إذا تعمد البدعة وجهلها بل وإن كان متأولا في ارتكابها فالبدعي لا يعذر بجهل ولا تأويل والمراد بالمتأول المجتهد وبالجاهل المقلد من الفريقين. قوله: (حال الأداء فلا تصح) أي وأما لو كان ملتبسا بالبدعة حال التحمل فقط فلا يضر. قوله: (لم يباشر كبيرة) اعترض بأن هذه يغني عنها قوله وبلا فسق لان التباسه بعدم الفسق هو عدم مباشرته للكبيرة وأجيب بأن كلامه هنا في كبيرة الباطن كغل وحسد وكبر ورياء كما يدل عليه لفظ المباشرة التي هي المخالطة وقوله سابقا وبلا فسق أي بالجوارح الظاهرة كما هو المناسب لتعريف الفسق بالخروج عن الطاعة، وإلى هذا الجواب أشار الشارح بقوله سابقا وبلا فسق بجارحة وأجاب بعضهم بجواب آخر. وحاصله أن قوله وبلا فسق أي بالباطن وبالجوارح الظاهرة وأتى بقوله لم يباشر إلى قوله خسة تفسيرا لعدم التلبس بالفسق أي إن عدم التلبس به عبارة عن عدم مباشرة الكبائر وكثرة الكذب وصغائر الخسة. قوله: (لم يتصف بها أصلا)