غفل المحبس عن ذلك كان النظر فيه للحاكم يقدم له من يرتضيه ويجعل للقائم به من كرائه ما يراه سدادا على حسب اجتهاده انتهى.
قلت: قوله فإن غفل المحبس عن ذلك كان النظر فيه للحاكم هذا والله أعلم إذا لم يكن المحبس عليه معينا مالكا أمر نفسه، وأما إن كان مالكا أمر نفسه ولم يول المحبس على حبسه أحدا فهو الذي يجوز ويتولاه، يدل على ذلك غالب عبارات أهل المذهب في كتاب الحبس وكتاب الصدقة وكتاب الهبة من المدونة وكلام المصنف في التوضيح في شرح قول ابن الحاجب وشرط الوقف حوزه صريح في ذلك، وانظر مسألة رسم شك في طوافه من سماع ابن القاسم من كتاب الحبس ففيها إشارة إلى ذلك، وذكر فيها أن الناظر على الحبس إذا كان سيئ النظر غير مأمون فإن القاضي يعزله إلا أن يكون المحبس عليه مالكا أمر نفسه ويرضى به ويستمر. وفي رسم استأذن من سماع عيسى مسألة تتعلق بالناظر قال فيها: إنه لا يوصي بالنظر عند موته ولكن إن كان المحبس حيا كان النظر له فيمن يقدمه. وإن كان مات فإن كان المحبس عليهم كبارا أهل رضا تولوا حبسهم بأنفسهم وإلا قدم السلطان بنظره، وإن كان للمحبس وصي كان النظر له إلا أن يكون المحبس قال لمن ولاه إذا حدث بك الموت فأسنده إلى من شئت فإنه يسنده لمن شاء، وإن أوصى وصيا على ماله وعلى من كان في حجره كان له النظر في الحبس والله أعلم. وفي سماع سحنون مسألة تدل على أن المحبس عليهم إذا كانوا كبارا تولوا حبسهم بأنفسهم. وفي أحكام ابن سهل ما يدل على ذلك في مسألة كراء الأحباس مدة طويلة وهي في آخر ترجمة قطيع محبس باعته المحبسة، وفي مسألة الدار المحبسة على رجلين أكراها أحدهما. وانظر النوادر في ترجمة الحبس يزاد فيه أو يعمر من غلته وكراء الحبس السنين الكثيرة.
تنبيهات: الأول: قال في النوادر: ومن المجموعة قال: قال ابن كنانة فيمن حبس حبسا وجعل امرأته تليه وتقسمه بين بنيها بقدر حاجتهم فكانت تلي ذلك فماتت قال: يلي ذلك من ورثتها أهل حسن الرأي منهم. انتهى من ترجمة جامع مسائل مختلفة من الأحباس والعمرى والخدمة. وهذا لعله في بلد ليس فيه حاكم أو فيه ولا يصل إليه ولا يلتفت للنظر في الأحباس أو يكون نظره فيها سببا لهلاكها وضيعتها والله أعلم. ثم قال بعد ذلك في ترجمة حوز الأب على من يولى عليه: ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: وإذا حبس على أولاده الكبار والصغار حبسا ووكل من يقوم به فذلك له، فإن بلغوا كلهم فأرادوا القيام بالحبس فليس لهم ذلك لأنه لم يرض بهم والوكيل يقوم بحاله. قال محمد: ولو لم يكن فيهم كبير يوم وكل فلهم إذا كبروا قبض حبسهم، فأما إن كان فيهم كبير فهو بمنزلة أن لو كانوا كبارا كلهم يومئذ انتهى. وما قاله محمد إذا كانوا صغارا كهم ووكل عليهم أن لهم إذا كبروا قبض حبسهم إنما يكون ذلك والله أعلم إذا فهم أن ذلك مراد المحبس أو صرح بذلك وإلا فالظاهر أنه لا